فأما أهل العلم والإيمان ، ففسروها على غير ما قال أهل التشبيه المنافقون ، فقالوا : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) يقول : مشرقة حسنة ، (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) يقول : منتظرة ثوابه وكرامته ورحمته ، (١) وما يأتيهم من خيره وفوائده. وهكذا ذلك في لغات العرب. وبلغاتها ولسانها نزل القرآن ، يقولون : إذا جاء الخصب بعد الجدب : قد نظر الله جل ثناؤه إلى خلقه ، ونظر لعباده. يريدون أنه أتاهم بالفرج والرخاء. ليس يعنون أنه كان لا يراهم ثم صار يراهم.
وقال الله جل ذكره وهو يذكر أهل النار : (لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران : ٧٧]. تأويل ذلك : أنهم لا
__________________
ـ وهبت لك الذهب بحسن ثنائك على الله عزوجل».
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠ / ١٥٨) : رواه الطبراني في الأوسط ، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن محمد أبو عبد الرحمن الأذرمي وهو ثقة.
وأخرج ابن أبي حاتم ، والعقيلي ، وابن عدي ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ). قال : لو أن الإنس والجن والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفّوا صفا واحدا ما أحاطوا بالله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) قال : لا يحيط بها أحد بالله.
وأخرج عبد بن حميد ، وأبو الشيخ ، عن قتادة (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) قال : هو أجلّ من ذلك وأعظم أن تدركه الأبصار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) يقول : لا يراه شيء وهو يرى الخلائق. الدر المنثور ٣ / ٣٣٥.
(١) قال بعضهم إن (إلى) اسم وليست حرف جرّ ، وهي مفرد آلا وهي النعم ، قال الله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ). فعلى هذا يكون معنى الآية : نعمة ربها منتظرة.
أخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) قال : تنتظر الثواب من ربها. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) قال : تنتظر منه الثواب. الدر المنثور ٨ / ٣٦٠.
وهو المروي عن علي والحسن وسعيد بن جبير والضحاك. رواه الطوسي في مجمع البيان ٦ / ١٢٨.