بقوله وأمره. ويقولون :
............................... |
|
بيد الله أمرنا والفناء (١) |
يريدون : بالله عمرنا والفناء. ويقولون : نواصينا بيد الله ، ونحن في قبضة الله. يريدون في هذا كله : أنّا في قدرته وملكه ، ليس يذهبون إلى يد كيد الإنسان أو غيره من الخلق.
ومعنى قوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)) [الفجر : ٢٢]. يقولون : جاء الله جل ثناؤه بآياته العظام في مشاهد القيامة ، وجاء بتلك الزلازل والأهوال ، وجاء بالملائكة الكرام ، فتجلت الظّلم ، وانكشفت عن المرتابين البهم ، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون. وليس قوله : (وَجاءَ رَبُّكَ). أنه جاء من مكان ، ولا أنه زائل ولا حائل ، (٢) أو منتقل من مكان إلى مكان ، أو جاء من مكان إلى مكان ، تبارك الله وتعالى عن ذلك. بل هو شاهد كل مكان ، ولا يحويه مكان ، وهو عالم كل نجوى ، وحاضر كل ملأ.
كذلك قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) [البقرة : ٢١٠]. كما قال جل ثناؤه : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩)) [يس : ٤٩]. وكذلك قال جل ثناؤه : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) [النحل : ٢٦]. وقال : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) [الحشر : ٢]. يعني بذلك كله : أنه أتاهم بعذابه وأمره. ليس أنه أتاهم بنفسه زائلا ، وكان في مكان فكان عنه منتقلا. وكذلك يقول القائل للرجل إذا جاء بأمر عجيب : لقد أتى فلان أمرا عجيبا. يريدون : أنه فعل شيئا أعجبه. فذلك تأويل المجيء من الله جل ثناؤه. لا هو بالانتقال ولا بالزوال ، لأن الزائل مدبّر محتاج ، لو لا حاجته إلى الزوال لم يزل. فلذلك نفى الموحدون عن الله جل ثناؤه الزوال والانتقال.
__________________
(١) لم أقف على هذا البيت.
(٢) في (ب) و (د) : أو حائل.