نفسه أن لا يعود إلى مثل ذلك أبدا ، ولا تجزيه التوبة من الأخذ حتى يرد إذ (١) كان حابسا ، وإن استوهبه منهم ووهبوه له بطيبة أنفس (٢) منهم ، كان ذلك له (٣) حلالا ، بعد الإقرار لهم على أجمل الوجوه. وإن صالحوه وأخذوا بعضا وتركوا بعضا ، على غير اقتسار لهم كان ذلك جائزا.
وإن لم يعرف أصحاب المال الذي أخذ منهم المال وأيس أن يعرفهم ، أو يعرف ورثتهم ، تصدق بمقدار ما أخذ منهم على المساكين ، فإن جاءوا بعد ذلك إليه أخبرهم أنه قد تصدق بذلك عنهم ، فإن رضوا لم يكن عليه شيء ، وإن أرادوا حقهم رده عليهم ، إذا قدر عليه ، وكانت صدقته له. وإن كان محتاجا إليه فأنفقه على نفسه ، وجعله دينا عليه لأهله ، فإن تاب قبل القدرة على أدائه إليهم من غصبه المال ، وإنفاقه إياه على نفسه ، كانت توبته مقبولة عند الله جل ثناؤه ، وكان المال له لازما حتى يعينه الله على قضائه.
وإن كان الذي أخذ أموالهم غائبا في بعض البلدان ، فلم يقدر على الخروج إليهم به لعلة مرض ، أو علة حائلة بينه وبين ذلك ، أوصى أن يبعث به إليهم ، لأن عليه أن يوصل إليهم حقوقهم حيث كانوا ، ويستحلهم من أخذه وإنفاقه وغصبه ، ثم لا شيء لهم عليه بعد ذلك. وتوبته مقبولة فيما بينه وبين الله جل ثناؤه.
وإن لم يكن يدر كم المال الذي أخذ من أموال الناس ، متفرقهم ومجتمعهم ونسي ، وكثر ذلك عليه ، فليتحرّ ما لكل واحد على قدر مبلغ علمه ورأيه ، ويحتط لنفسه ، ويزيد على نفسه حتى يكون الغالب عليه في حكمه (٤) ورأيه ، أن قد استغرق جميع حقوقهم ، وأدى إليهم أموالهم وزاد ، فإن النفقة له في ذلك. فإن زاد كان له أجره ، وإن نقص قليلا لم يضره ، بعد أن يتعمد الوفاء. وذلك كله توبته إلى الله جل ثناؤه مما كان منه في ذلك ، من أخذ وحبس عن أهله ، وهو عنده بندم واستغفار ، وعزم على أن لا
__________________
(١) في (ب) و (ج) : إذا.
(٢) في (ب) : بطيبة نفس منهم.
(٣) في (ب) : كله.
(٤) في (ب) و (د) : الغالب على علمه ورأيه.