بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال الحسين (١) بن القاسم : سألت أبي رحمة الله عليه ، لرجلين من أهل طبرستان ، وهما عبيد الله بن سهل (٢) ، وهشام بن المثنى ، عن توحيد الله ومعرفته ، وما اختلف فيه المختلفون من صفته؟
فقال رضي الله عنه : اكتب : سألتما أعانكما الله وهداكما ، ونفعكما بما بصّر كما من الهدى وأراكما ، عن توحيد الله ومعرفته ، وما اختلف فيه المختلفون من صفته.
فتوحيد الله والمعرفة به وتيقنه ، الذي لا يسع أحدا من المكلفين جهل شيء منه ، جهل (٣) قليله في توحيد الله كجهل كثيره ، وأصغر ما يجهل منه في الشرك بالله عند الله ككبيره ، ومن جهل من ذلك شيئا واحدا ، لم يكن بالله موقنا ولا له موحّدا ، أن يعلم أن الله واحد أحد ، ليس له ند من الأشياء ولا ضد ، لأن الند لما ينآده مكاف ، والضد لما يضاده مناف ، وليس من الأشياء كلها ما يكافيه ، ولا يضاده جل جلاله فينافيه ، فليس هو جل ذكره كشيء ، وهو الأول قبل كل بدي ، لم يلد سبحانه فيكون ولده له مثلا ، ولم يولد فيكون والده له بديا وأصلا ، كما قال سبحانه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)) [الإخلاص : ١ ـ ٤] ، والكفؤ : فهو النظير والمثيل والشبيه والند ، ولبعده سبحانه من (٤) شبه الأشياء ومماثلتها ، ولتعاليه عن مشابهة جزئية الأشياء وكلّيتها ، لم تدركه ولا تدركه أبدا عين ولا بصر ، ولا يحيط به من الناظرين عيان ولا نظر ، كما قال سبحانه : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)) [الأنعام : ١٠٣]. وقال جل جلاله ، عن أن يحويه قول أو يناله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ، وقال سبحانه : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) [البقرة : ٢٥٥] والحي القيوم ، فهو الذي يبقى سرمدا ويدوم ،
__________________
(١) في (ب) و (د) : الحسن.
(٢) في (ب) و (د) : سهيل. ولم أقف على ترجمته ولا صاحبه هشام بن المثنى.
(٣) سقط من (أ) و (ج) : جهل.
(٤) في (ب) و (د) : عن.