الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)) [الحشر : ٢٢ ـ ٢٤]. فوصف نفسه تبارك وتعالى في أول الآيات بأنه هو ، ثم ذكر سبحانه ملكه وخلقه وقدسه ما ليس له فيه نظير ولا مثيل ولا كفؤ ، فمن وصفه جل ثناؤه بغير ما وصف به نفسه من العلم والقدس والحكمة ، وما ذكر جل جلاله من العز والرأفة والرحمة ، فقد خرج صاغرا بصفته ، من العلم بالله ومعرفته.
والسّنة التي ذكر الله أنها لا تأخذه ، ولا تعرض له جل جلاله ، هي قليل النوم ويسيره ، لا النوم نفسه وكثيره ، فنفى سبحانه عن نفسه من قليل مشابهة خلقه ما نفى تبارك وتعالى عن نفسه من كثيرها ، تعاليا عن صغير مماثلة خلقه وكبيرها ، لأن ذلك كله في التشبيه له سواء ، يثبت به كله أن له نظيرا في التشبيه وكفؤا.
ومن معرفة الله والايمان به ، الايمان بجميع رسله وكتبه ، ومن أنكر آية من تنزيله ، أو جحد رسولا واحدا من رسله ، خرج بذلك من التوحيد والإيقان ، وزال عنه ـ لما أنكر من ذلك ـ اسم الإيمان ، لأنه من أنكر آية من آيات الله ، أو رسولا واحدا من رسل الله ، كمن أنكر صنع السماء والأرض من الله ، ونسب ما كان من آية أو علم أو دلالة إلى غير الله ، لأنه إذا زعم أنما جاء به رسول من رسل الله من أعلامه ودلائله ، أو أن (١) آية من آيات كتب الله وتنزيله ، ليست من الله ولا عن الله (٢) ، ثبّت وزعم أن ذلك من غير الله.
ومن أضاف شيئا من صنع الله في أرضه وسمائه ، أو في سوى ذلك كله من خلقه وإنشائه ، إلى غير الله فقد ألحد وكفر ، وجحد وأنكر ، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ
__________________
(١) سقط من (أ) : أن.
(٢) سقط من (أ) و (ج) : عن الله.