والله لا يضل عباده ولا يعذبهم بغير ذنب ، ولا يجبر أحدا على طاعة أو معصية ، ويصف رحمة الله وعدله بقوله : «كيف وهو من عصاه استرضاه ، ومن استكبر ـ وهو القادر عليه ـ أملاه ، ثم كرر عليه في دعواه الهدى نداه ، ثم من قبل حظه فيه جازاه ، ومن أبى عطيته من الخيرات حرمه ، وهو الذي قبح من كل ظالم ظلمه».
ونعم الله على خلقه كثيرة وعلى وحدانيته شاهدة ، فهو الصانع والخالق والمبدع والحكيم ، تقدس عن كل نقص ، ومدح بكل كمال هو به موصوف.
وشكك ابن المقفع مرة أخرى في الرسالة والرسول ، وعمل في القدح في أمانته وصدقه ، فينكر عليه الإمام القاسم تسائله ، ويرده إلى الجهل ، ويبين أن الإسلام دعوة للمعرفة والبحث والنظر : «أهو ـ ويله ـ يحمل على خلاف ما يعرف؟! وإنما جاء صلىاللهعليهوآله يدعو إلى المعارف ، أو يأمر صلىاللهعليهوآله بالكفّ عن الطلب والبحث ، وهو الكاشف عن أسرار الغيوب لكل متبحث ..؟!».
وعمل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بما أمره الله به ، من الدعوة إليه على بصيرة من النظر والتأمل وإعمال الفكر والبحث ، ويأتي الإمام القاسم من النص بما يرد دعوى ابن المقفع ، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي حدث اتباعه بما ركبه الله فيهم من العقل ، وخاطبهم خطاب العاقل إلى العقلاء ، وردهم إلى النظر والتأمل والإقناع بكل سبيل ، ومدح المعرفة بأنواعها ، ومدح العلم والعلماء : «فهل دعا أحد إلى إخلاص الفكر دعاه ، أو حدى أحد من الناس على النظر حداه؟!».
وقد دعا ابن المقفع إلى شقّ الصف المسلم والإغارة على الدولة والحكم ، بدعوته إلى الشعوبية المقيتة التي أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بتركها فقال : «دعوها فإنها منتنة» ، فالقبلية دعوة نتنة والشعوبية دعوة أنتن ولا عصبيات في الإسلام ، ومن دعا إليها بغيض عند كل موحد ، وذم ابن المقفع الإسلام وأهله ، بما أوجب قتله فهل أخطأ من قتله؟!
وبيّن الإمام القاسم فضائل الإسلام على الناس أجمعين ، ودعا كل قادح أن يفرق بين الإسلام والمسلمين ، وبين الشرع وحكام الجور والظلم فليسوا هم الإسلام ، وتاريخ الإسلام طفح بأفعال وسيئات هؤلاء الحكام ، كغيرهم من حكام الأرض ، والإسلام يبرأ