فوق العلى ، وأن استواءه على ذلك كاستوائه على الأرض السفلى ، وأن «استوى» في هذا كلمة من الكلام ، جائز معناها بين الخواص من العرب والعوام ، تقول العرب إذا ظفرت بأحد ، أو غلب على بلد : لقد صرت إليها ، واستويت عليها ، تريد غلب سلطاني فيها ، فهذا وجه قوله جل ثناؤه : استوى ، لا ما يذهب إليه من العمى».
وكذلك العرش وحمل الملائكة له ، وتصوير حالهم وهم حافون من حوله ، وأوّل الإمام القاسم العرش بالسقف ، وكذلك استتر ابن المقفع خلف بعض صفات الله الفعلية الخبرية كالاستدراج والكيد ، ليقدح في ذات الله ، والحب والرضا والفرح .. وغير ذلك.
ويرجع بنا الإمام القاسم إلى قضية التأويل في القرآن ، وحظ العالم من اللغة ، فلها المرجعية الأولى في فهم النص والحكم على المتشابه :
«وإلا فلم لم يفكر ؛ إن كان ذا فطنة وينظر ، إن كان من أهل النظر فيما استدل به أهل الكتاب والعرب ، من هذه الأحرف على ضمائر كل مغيّب ، فكانت هي الدليل لهم على الكتاب ، والسبب لعلمه دون جميع الأسباب! ..».
ثم أنكر ابن المقفع وجود الصانع الأدلة المؤدية إلى معرفته ، والأدلة كثيرة ومتواترة في النفس والآفاق ، وما أبدع الله في الكون من الإتقان والحكمة وعظيم الصنع ، وقد عرّفنا الله عليه ، والمتأمل واجد ضرورة توحيد الله ، فضلا عن وجوده في قلبه.
والله غيب ، ومعرفة الغيب تكون بالنظر والاستدلال ، ولا معرفة إلا بعد نظر وهو ما يتقاصر عن إدراكه ابن المقفع واتباعه!
ويبين الإمام القاسم أن ورثة العلم هم أهل بيت النبوة ، وهم الذين يعرفون تأويل الكتاب ، ويحكمون بين الخلق بالحق والرشاد.
ثم تحدث الإمام القاسم رادا على ابن المقفع ، فبين أن الله خلق العالم من العدم الذي هو في مقابل الوجود ، وكذلك أثبت قدم البارئ وحدوث العالم بالأدلة الواضحة والبراهين المفحمة للخصوم ، وكل ذلك دعاه للحديث عن دليل الممكن والواجب ودليل الحدوث ، ودليل الحركة والتغير ، وعن الجوهر الفرد ، ورد على تصور اليونان للقديم ووجود العالم وبيّن معنى التناهي وكونه منفيا عن الله تعالى. والحد في المنطق