٣٠٩ ه ، وأبي عبد الله محمد بن سالم البصري.
فأما أبو حلمان الدمشقي فكان يعيش في دمشق ، وأظهر دعوته فيها ونادى بحلول الله في الأشخاص الحسنة ، وكان هو وأصحابه إذا رأوا صورة حسنة ، سجدوا لها ، متوهمين أن الله حل فيها ، وكانوا يستدلون على جواز حلول الله في الأجساد ، بقول الله تعالى للملائكة في آدم : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)(٢٩) [الحجر : ٢٩]. وأن الله إنما أمر الملائكة بالسجود لآدم ، لأنه حل فيه ، ولذلك كان في أحسن تقويم ، والله يقول : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٤) [التين : ٤].
ولم يكن حظ العراق من الحلولية بأقل حظا من الشام ، فقد ذكر ابن الجوزي أنهم انتشروا في العراق ، فيقول (حكى قوم من المشبهة بأنهم يجيزون رؤية الله بالأبصار في الدنيا ، وأنهم لا ينكرون أن يكون بعض من يلقاهم في السكك ، وأن قوما يجيزون مع ذلك مصافحته وملازمته وملامسته ، أو يدعون أنهم يزورونه ويزورهم ، وهم يسمون بالعراق أصحاب الباطن وأصحاب الوساوس وأصحاب الخطرات) (١).
أما الحسين بن منصور الحلاج الذي قتل سنة ٣٠٩ ه ، فقد اختلف في تكفيره الفقهاء والصوفية ، بسبب آرائه في الحلول وقوله على الله ، أما المتكلمون فقد أجمعوا على تكفيره (٢) ، أما الحشوية من المنايلة والسالمية فقد احتفلوا بآرائه وقبلوها (٣) ، يقول البغدادي (وقبله قوم من متكلمي السالمية بالبصرة ونسبوه إلى حقائق معاني الصوفية) (٤).
__________________
(١) ابن الجوزي في تلبيس إبليس / ١٧٣.
(٢) انظر الأسفرايني في التبصير / ١٣٠ ـ ١٣٢.
(٣) المصدر السابق.
(٤) البغدادي في أصول الدين / ٣٢٢.