يعنيه) (١) ، فتورط أمثال هؤلاء في الحشو والتشبيه والتجسيم.
وجاء الملطي (٢) المتوفي سنة ٣٧٧ ه ، وسقط في الحشو والتشبيه والتجسيم في كتابه (التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع) (٣) شاهد على ذلك ، فيروي عن خشيش صاحب كتاب (الاستقامة) والذي سبق الإشارة إليه ، ومحمد بن عكاشة (٤) وهو أحد القصاص ورواه الحشوية ، وإن كان للملطي فضل فهو في حفظ وثائق هذا الاتجاه إلهام في التراث الفلسفي الإسلامي.
وفي القرن الرابع الهجري ظهرت حركة كبيرة للحشو والتشبيه على يد المحدث المشهور بحر بن محمد بن الحسن بن كوثر بن علي البربهاري ، ولذلك نسبت إليها فقيل لها : البربهارية ، وهو ممن خلط في سماعه وأدائه فوجد في مروياته الحسن ، والرديء وانتهى للتشبيه ، يقول المقدسي : (أما البربهارية فإنهم يجهرون بالتشبيه والمكان ، ويرون الحكم بالخاطر ويكفرون من خالفهم ويتمسكون بحديث المقام المحمود) (٥).
ومهدت بيئة التشبيه والتجسيم إلى ظهور فكرة الحلول ، بل هي تنسب صراحة إلى مضر وكهمس وأحمد الهجيمي ، ويحكى الشهرستاني أنهم انتهوا إلى حد الاتحاد ، (من المشبهة من مال إلى مذهب الحلولية ، وقال يجوز أن يظهر الله تعالى بصورة شخص) (٦).
وفي مجال البيئة الصوفية ظهرت فكرة الحلول والاتحاد وفرضت نفسها على يد صوفية كبار كأبي حلمان الدمشقي (٧) ، والحسين بن منصور الحلاج (٨) المتوفي سنة
__________________
(١) الكوثري في مقدمة التنبيه والرد / ٥ ، ٦.
(٢) أبو الحسين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي الشافعي المتوفي سنة ٣٧٧ ه ، وانظر السبكي في طبقات الشافعية ٢ / ١١٢.
(٣) حققه الشيخ محمد زاهد الكوثري وطبعته المكتبة الأزهرية عدة طبعات.
(٤) يقول عنه الذهبي وضاع وضع آلاف الأحاديث ، انظر لسان الميزان ٥ / ٢٨٦.
(٥) المقدسي في البدء والتاريخ ٥ / ١٥٠.
(٦) انظر الشهرستاني في الملل ١ / ٢٠٣.
(٧) الطوسي في اللمع / ٣٦٢.
(٨) الذهبي في لسان الميزان ٢ / ٣١٤.