الجواربي الشيعي وأصحابه في مقالته : (إن الله أجوف من فيه إلى صدره ، ومصمت ما سوى ذلك له) (٢) ، وهذا يدل على أن التشبيه تشارك فيه مشبهة الحشوية والشيعة الحشوية المجسمة.
ويقول الأشعري : إن داود الجواربي ومقاتل بن سليمان يذهبان إلى أن الله جسم وأنه جثة على صورة الإنسان .. لحم ودم وشعر وعظم ، له جوارح وأعضاء من يد ورجل ولسان ورأس وعينين) (٣).
وهكذا نجد أن الإمام القاسم الرسي كان يصارع تيارا عاتيا من التشبيه تمكن من العامة وبعض الخاصة في العالم الإسلامي ، والمهم أنه يعتبر المقاتلية أسلافا للكرامية ، ويعتبر مشبهة الحشوية كمضر وكهمس والهجيمي هم سلف الكرامية.
وموجز القول في مقاتل بن سليمان أنه كان مشبها ومجسما ، وقد احتفظ لنا التاريخ بتفسيره الذي يثبت تمام الإثبات تشبيهه وتجسيمه ، وقد سبقه مضر وكهمس وأحمد الهجيمي بلا شك أو عاصروه في التشبيه.
لقد تطرفت أفكار مقاتل حول الإلهية غاية التطرف ، فحولته إلى (صنم) وقابل ذلك تطرف جهم الذي كاد أن يعبد من شدة التنزيه عدما ، وهذا بعينه ما جعل التيارات المعتدلة يبغضون الفريقين جميعا ، وفي رسالتنا هذه نجد الإمام القاسم يرد على جهم في الشيء ، كما يرد على مقاتل في الرؤية والنفس وغيرهما ..
نبغ في مدسة التشبيه ولمع اسم محدث مشهور عند رواة الحديث وهو خشيش بن أصرم أبو عاصم (٤) (إن خشيشا ممن سطع نجمه بعد رفع المحنة في فتنة القول بخلق القرآن عن تقريب المتوكل العباسي النقلة) (٥).
ووصفه الكوثري بقوله : (كان يفوه بما ينبذه البرهان ، غير ساكت عما لا
__________________
(١) الأشعري في المقالات ١ / ١٥٣.
(٢) الشهرستاني في الملل ١ / ٢١٩.
(٣) الأشعري في المقالات ١ / ٢٠٩.
(٤) انظر الزركلي في الأعلام ٢ / ٣٠٦.
(٥) الذهبي في تذكرة الحفاظ ٢ / ١١٩.