ورفض الإمام القاسم التبعيض على الله ، فالله ليس بجسم ، والأعضاء من خصوصيات الأجسام ، فلا يد له كأيدينا ولا رجل له كأرجلنا ، ولا على مثالنا ، الكون لا يقوم إلا بمكوّن ، والطول لا يقوم إلا بمطوّل ، والأبعاض لا تكون ولا تقوم إلا باتصال بعضها ببعض ، والله على غير هذا ، ولا تقوم إلا باتصال بعضها ببعض ، والله ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير (ليس يشبه معاني البشر ، ولا الحساب ، وهو إسقاط الثاني ، وليس ثان مع الله ولا واحد غيره في معناه ، كهو وإثباته واحدا تعطيل الثاني ، وفي تعطيل الثاني توحيد الأول ، والواحد الباقي الذي ما سواه ثان).
٦ ـ المسألة السادسة كانت رده على من زعم أن لله وجها كوجه الإنسان ، وإذا كان الله أنزل القرآن بلغة العرب وهي لغة الإيجاز والبلاغة ، فقد جعل الله بيان القرآن في هذه اللغة وفي تصاريفها ، وهو مما يعلمه ويدركه العلماء الراسخون ، والمشكلة فيمن نحّى اللغة جانبا ، وبدأ فهم النص من عندياته ، فهلك وأهلك وضل وأضل ، وقد ذكر الله الوجه في أكثر من موضع ، فهل يعني هذا أنه ذكر بعضه على وجه التحقيق؟!
هذا ما نفاه كل بصير ، وجاء الإمام القاسم ليرد بشدة على هذا الزعم ، وقد ذكر لذلك تأويلا وتفسيرا مقبولا على معاني ما جاء في اللغة العربية ، لا يحمل معنى التبعيض أو التشبيه والمثلية وكذلك يليق بذات الله تعالى ، وقد يكون وجه الله هو العمل الصالح والقول الحسن والثواب ..
٧ ـ أما المسألة السابعة فكانت في نفي الرؤية ، والرد على من زعم أن الله تدركه الأبصار وتحيط به الأعين ، تعالى عن ذلك ، بما تعنيه من إحاطة وجهة وتحيز ، وقدم الإمام القاسم معان كثيرة للرؤية سوى ما يفهم من الجهة والإحاطة وغيرها.
ثم قدم تفسيرا لمعنى الرؤية عن رسولين كريمين هما إبراهيم وموسى عليهماالسلام ، فيقول الإمام القاسم : (إبراهيم وموسى في سؤالهما وقولهما لم يسألا ربهما أن يرياه جهرة ، بمعنى ما يرى البشر البشر ، لأن ذلك شرك ..).
فلم يحدث الله في الجبل رؤية ، ولا كان للجبل عين ولا عقل يدرك الرؤية ، أما معاني التجلي الإلهي على الجبل فقد أفاض فيها الإمام القاسم.
وقدم الإمام القاسم مفهوما للرؤية في الآخرة ، غير مفهوم المشبهة ، فقال : (يراه