ويُحتمل عندي وجهٌ آخَر ، وهو : أن يقال : صاحب الغراس (١) لا يستحقّ الإبقاء في الأرض ، وصاحب الأرض لا يستحقّ القلع مجّاناً ؛ لأنّه أثبت بحقٍّ ، فيُقوَّم الغراس مقلوعاً وثابتاً ، ويأخذ المفلس التفاوت بينهما ؛ لأنّه مستحقّ له.
مسألة ٣٧١ : قد ذكرنا حكم الزيادة من خارجٍ ، القابلة للتميّز ، وبقي ما لا يقبله ، كمزج ذوات الأمثال بعضها ببعضٍ ، مثل أن يشتري صاعاً من حنطةٍ أو شعير أو دخن أو غير ذلك من الحبوب ويمزجه بصاعٍ له ، أو يشتري مكيلةً من زيتٍ أو سمن أو شيرج أو غير ذلك من الأدهان ثمّ يمزجه بمكيلة ، وكذا جميع ذوات الأمثال إذا امتزجت بحيث لا يمكن تخليص بعضها من بعضٍ ، فأقسامه ثلاثة :
أ : أن يكون الممتزجان متماثلين ليس أحدهما أجود من الآخَر ، لم يسقط حقّه من العين ـ وبه قال الشافعي ومالك (٢) ـ ويكون له المطالبة بالقسمة ؛ لأنّ عين ماله موجودة فيه ، ويمكنه التوصّل إلى حقّه بالقسمة ؛ لأنّ الزيت كلّه سواء ، فيأخذ حقّه بالكيل أو الوزن.
وقال أحمد : يسقط حقّه من العين ؛ لأنّه لم يجد عين ماله ، فلم يكن له الرجوعُ ، كما لو تلفت. ولأنّ ما يأخذه من غير ماله ممتزجاً بعين ماله (٣)
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : « الغرس ».
(٢) الأُم ٣ : ٢٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٣ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، الوسيط ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩ ، التفريع ٢ : ٢٥١.
(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ما يأخذه من عين ماله ممتزجاً بغير ماله ». والمثبت هو الصحيح.