ولأنّه وليّ له التصرّف في ماله بما يتعلّق به مصلحة اليتيم ، فجاز له إقراضه للمصلحة.
وإذا كان للصبي مالٌ في بلدٍ فأراد الوليّ نَقْلَه عن ذلك البلد إلى آخَر ، كان له إقراضه من ثقة مليء ، ويقصد بذلك حفظه من السارق وقاطع الطريق ، أو الغرق ، أو غير ذلك.
وكذا لو خاف على مال اليتيم التلف ، كما إذا كان له غلّة من حنطة وشبهها وخاف عليها تطرّق الفساد إليها ، أقرضها من الثقة المليء خوفاً من تسويسها وتغيّرها ؛ لأنّه يشتمل على نفع اليتيم ، فجاز ، كالتجارة.
ولو لم يكن لليتيم فيه حظّ ، وإنّما قصد إرفاق المقترض وقضاء حاجته ، لم يجز إقراضه ، كما لم يجز هبته.
ولو أراد الوليّ السفر ، لم يسافر به ، وأقرضه من مليء مأمون ، وهو أولى من الإيداع ؛ لأنّ الوديعة لا تُضمن.
ولو لم يوجد المقترض بهذه الصفة ، أودعه من ثقة أمين ، فهو أولى من السفر به ؛ لأنّه موضع الحاجة والضرورة.
ولو أودعه من الثقة مع وجود المقترض المليء المأمون ، لم يكن مفرّطاً ، ولا ضمان عليه ، فإنّه قد يكون الإيداع أنفع له من القرض ، وهو أضعف وجهي الشافعيّة.
وأصحّهما عندهم : أنّه لا يجوز إيداعه مع إمكان الإقراض ، فإن فَعَل ضمن (١).
وكلّ موضعٍ جاز له أن يقرضه فيه فإنّه يشترط أن يكون المقترض
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٦.