فإذا قُسّم ماله وقصر عن الديون أو لم يكن له مالٌ البتّة ، لم يؤمر بالتكسّب ولا بأن يؤاجر نفسه ليصرف الأُجرة والكسب في الديون أو في نفقتها ـ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين (١) ـ لقوله تعالى : ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (٢).
ولما رواه العامّة عن أبي سعيد الخدري : أنّ رجلاً أُصيب في ثمار ابتاعها فكثر دَيْنه ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « تصدّقوا عليه » فتصدّقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خُذُوا ما وجدتم [ و ] (٣) ليس لكم إلاّ ذلك » (٤).
ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا حجر على معاذ لم يزد على بيع ماله (٥).
ومن طريق الخاصّة : ما رواه غياث بن إبراهيم عن الصادق عن الباقر عليهماالسلام : « أنّ عليّاً عليهالسلام كان يحبس في الدَّيْن ، فإذا تبيّن له إفلاس وحاجة خلّى سبيله حتى يستفيد مالاً » (٦).
واستعدت امرأة على زوجها عند أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه لا ينفق عليها وكان زوجها معسراً ، فأبى أن يحبسه وقال : « إنّ مع العسر يسراً » (٧) ولو كان التكسّب واجباً لأمر به.
ولأنّ هذا تكسّب للمال ، فلا يُجبر عليه ، كما لا يُجبر على قبول الهبة
__________________
(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٢٢ ، المعونة ٢ : ١١٨٣ ، المغني ٤ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٧.
(٢) البقرة : ٢٨٠.
(٣) ما بين المعقوفين من المصدر.
(٤) تقدّم تخريجه في ص ٥٧ ، الهامش (٤).
(٥) راجع : الهامش (٤) من ص (٧).
(٦) التهذيب ٦ : ٢٩٩ / ٨٣٤ ، الاستبصار ٣ : ٤٧ / ١٥٦.
(٧) التهذيب ٦ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ / ٨٣٧.