فعلى هذا لا تصحّ كفالة بدن المكاتب للنجوم التي عليه ؛ لأنّه لو ضمن النجوم لم يصح ، فالكفالة بالبدن للنجوم أولى أن لا تصحّ. ولأنّ الحضور لا يجب على المكاتب ، فلا تجوز الكفالة به ، كدَيْن الكتابة.
مسألة ٥٦٨ : إذا كان عليه عقوبة ، فإن كانت من حقوق الله تعالى ـ كحدّ الزنا والسرقة والشرب ـ لم تصح الكفالة ببدنه عليها عند علمائنا ـ وهو المشهور من مذهب الشافعي (١) ـ لأنّ الكفالة للتوثيق ، وحقوق الله تعالى مبنيّة على الإسقاط ، وينبغي السعي في دفعها ما أمكن ، ولهذا لمّا أقرّ ماعز بالزنا عرض له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرجوع والإنكار ، فقال له : « لعلّك قبّلتها ، لعلّك لامَسْتَها » وأعرض بوجهه صلىاللهعليهوآلهوسلم عنه (٢).
وطرّد القاضي ابن سلمة وابن خيران من الشافعيّة القولين فيه (٣).
والخلاف في هذا الباب شبيه الخلاف في ثبوت العقوبات بالشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي.
وأمّا إن كانت العقوبة من حقوق الآدميّين ـ كالقصاص وحدّ القذف ـ فالأقرب عندي : ثبوتها في القصاص ، أمّا الحدّ فلا تصحّ الكفالة به ؛ لما رواه العامّة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ( عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه ) (٤) قال : « لا كفالة في حدٍّ » (٥).
ومن طريق الخاصّة : ما رواه الصدوق رحمهالله عن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ،
__________________
(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٥٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٦.
(٢) صحيح البخاري ٨ : ٢٠٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٢١ / ١٣١ و ١٣٢ ، مسند أحمد ١ : ٣٩٤ / ٢١٣٠ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١١ : ٣٣٨ / ١١٩٣٦.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.
(٤) بدل ما بين القوسين في « ج ، ر » : « أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
(٥) الكامل ـ لابن عدي ـ ٥ : ١٦٨١ ، تاريخ بغداد ٣ : ٣٩١.