قال : قضى أنّه لا كفالة في حدٍّ (١).
وهذا القول بعدم صحّة الكفالة في الحدّ قولُ أكثر العلماء ، وبه قال شريح والحسن البصري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد (٢).
واختلف قول الشافعي فيه.
فقال في باب اللعان : إنّه لا يكفل رجل في حدٍّ ولا لعان (٣).
ونقل المزني عنه أنّه قال : تجوز الكفالة بمن (٤) عليه حقّ أو حدّ (٥).
واختلف أصحابه في ذلك على طُرق أظهرها عندهم ـ ويُحكى عن ابن سريج ـ أنّه على قولين :
أحدهما : الجواز ؛ لأنّه حقٌّ لازم لآدميٍّ ، فصحّت الكفالة به ، كسائر حقوق الآدميّين. ولأنّ الحضور مستحقٌّ عليه ، فجاز التزام إحضاره.
والثاني : المنع ؛ لأنّ العقوبات مبنيّة على الدفع ، ولهذا قال عليهالسلام : « ادرءوا الحدود بالشبهات » (٦) فينبغي إبطال الذرائع المؤدّية إلى توسيعها وتحصيلها. ولأنّه حقٌّ لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذّر إحضار المكفول به ، فلم تصح الكفالة بمن (٧) هو عليه ، كحدّ الزنا (٨).
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٥٤ / ١٨٤.
(٢) المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٩.
(٣) الأُم ٥ : ٢٩٧ ، مختصر المزني : ٢١٤ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٦٠.
(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لمن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠ ، المغني ٥ : ٩٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٠٠.
(٦) تاريخ بغداد ٩ : ٣٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٣ : ٣٤٧.
(٧) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ممّن » بدل « بمن ». والظاهر ما أثبتناه.
(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٠.