ولو لم يكن في يده مالٌ ظاهر ، فإن كان أصل الدعوى مالاً أو كان قد عُرف له أصلُ مالٍ ثمّ خفي أمره ، طُولب بالبيّنة على الإعسار. وإن كانت الدعوى غرامةً عن إتلافٍ أو جناية ولم يُعرف له قبل ذلك أصلُ مالٍ ، حكم بقوله مع اليمين.
مسألة ٣١٤ : إذا ثبت إعسار المديون عند الحاكم بالبيّنة أو بإقرار الغريم ، لم يجز حبسه ولا ملازمته ، ووجب إنظاره ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) (١).
ولما رواه العامّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لغرماء الذي كثر دَيْنه : « خُذُوا ما وجدتم ، وليس لكم إلاّ ذلك » (٢).
ومن طريق الخاصّة : قول الباقر عليهالسلام : « إنّ عليّاً عليهالسلام كان يحبس في الدَّيْن ، فإذا تبيّن له إفلاس وحاجة خلّى سبيله حتى يستفيد مالاً » (٣).
ولأنّ الحبس إمّا لإثبات الإعسار أو لقضاء الدَّيْن ، والأوّل ثابت ، والقضاء متعذّر ، فلا فائدة في الحبس.
وقال أبو حنيفة : للغريم ملازمته ، لكن لا يمنعه من التكسّب (٤).
مسألة ٣١٥ : إذا كان للمديون مالٌ ، أمره الحاكم ببيعه وإيفاء الدَّيْن من ثمنه مع مطالبة أربابها ، فإن امتنع ، باع الحاكم متاعه عليه ، وقضى منه الدَّيْن ، وبه قال الشافعي وأحمد (٥)
__________________
(١) البقرة : ٢٨٠.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٥٧ ، الهامش (٤).
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٦١ ، الهامش (٦).
(٤) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٨٦ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٣٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١١٦ ، حلية العلماء ٤ : ٤٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٣ ، المغني ٤ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٠٠.
(٥) تقدّم تخريجه في ص ٤٥ ، الهامش (١).