ولو لزمهم ذلك بموت مورّثهم للزمهم وإن لم يخلّف وفاءً (١).
وهذا كلّه ساقط عندنا ، إلاّ أن يرضى الغريم بتذمّم الورثة بالدَّيْن ، ويصير عليهم تبرّعاً منه.
وعلى قولنا بحلول الدَّيْن بموت المديون يتخيّر الوارث بين الدفع من عين التركة ومن غيرها ؛ لانتقال المال إليهم ، فإن امتنعوا من الأداء من عين التركة ومن غيرها ، باع الحاكم من التركة ما يقضى به الدَّيْن.
مسألة ٥٩٣ : مَنْ مات وعليه دَيْنٌ لم يمنع الدَّيْن من نقل التركة إلى الورثة على أشهر قولَي أصحابنا ؛ لأنّ مستحقّ التركة إمّا الميّت ، وهو محال ؛ إذ ليس هو أهلاً للتملّك ، أو الغريم ، وهو محال ؛ لأنّه لو أبرأه لم يكن له في التركة شيء ، أو لا لمالكٍ ، وهو محال ، فلم يبق إلاّ الورثة. ولأنّ تعلّق الدَّيْن بالمال لا يزيل الملك في حقّ الجاني [ والراهن ] (٢) والمفلس ، فلم يمنع نقله هنا.
وإن تصرّف الورّاث (٣) في التركة ببيعٍ أو غيره ، صحّ تصرّفهم ، ولزمهم أداء الدَّيْن ، فإن تعذّر وفاؤه ، فسخ تصرّفهم ، كما لو باع السيّد عبده الجاني أو النصاب الذي وجبت فيه الزكاة.
وقال بعض علمائنا : إنّ التركة لا تنتقل (٤) ـ وعن أحمد روايتان (٥) ـ لقوله تعالى : ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (٦) فجَعَل التركة للوارث
__________________
(١) المغني ٤ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٥ ـ ٥٤٦.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الرهن ». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الوارث » بدل « الورّاث ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.
(٤) شرائع الإسلام ٤ : ١٦.
(٥) المغني ٤ : ٥٢٧ ـ ٥٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٤٦.
(٦) النساء : ١١.