المطلقة هل تقتضي الثواب وترتيبه عليه؟ والحكم بالرجوع أولى من الحكم بالثواب ثَمَّ ؛ لأنّ الهبة مصرّحة بالتبرّع ، والأداء بخلافه. ولأنّ الواهب مبتدئ بالتبرّع ، والأداء هاهنا مسبوق بالاستدعاء الذي هو كالقرينة المشعرة بالرجوع (١).
وأيضاً في الهبة قولٌ فارق بين أن يكون الواهب ممّن يطمع مثله في ثواب المتّهب ، أو لا يكون ، فخرج وجه ثالث للشافعيّة (٢) مثله هنا.
مسألة ٥٣٢ : إذا كان عليه دَيْنٌ فضمنه ضامنٌ عنه ويؤدّي المال عنه إلى المضمون له ، فأقسامه أربعة :
الأوّل : أن يضمن بإذن الأصيل ويؤدّي بإذنه.
الثاني : أن يضمن متبرّعاً من غير سؤالٍ ، ويؤدّي كذلك.
الثالث : أن يضمن متبرّعاً ، ويؤدّي بسؤالٍ.
الرابع : أن يضمن بسؤالٍ ، ويؤدّي متبرّعاً.
فالأوّل يرجع الضامن فيه على المضمون عنه ، سواء قال له المضمون عنه : اضمن عنّي ، أو أدِّ عنّي ، أو أطلق وقال : اضمن وأدِّ ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأبو يوسف (٣) ـ لأنّه صرف ماله إلى منفعته بأمره ، فأشبه ما لو قال : اعلف دابّتي ، فعلفها. ولأنّه ضمن بإذنه ودفع بإذنه ، فأشبه ما إذا كان مخالطاً له ، أو قال : اضمن عنّي.
وقال أبو حنيفة ومحمّد : إنّما يرجع إذا قال : اضمن عنّي وأدِّ عنّي ،
__________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٤.
(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٤٩ ، حلية العلماء ٥ : ٦٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٨ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ١٣١ و ١٣٢ ، المغني ٥ : ٨٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٨.