مراراً يحصل معها غلبة الظنّ بالرشد.
مسألة ٤٢١ : وقت الاختبار قبل البلوغ ـ وهو قول بعض الشافعيّة وأحمد في إحدى الروايتين (١) ـ لقوله تعالى : ( وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (٢).
وظاهر الآية أنّ الابتلاء قبل البلوغ ؛ لأنّه تعالى سمّاهم يتامى ، وإنّما يصدق عليهم هذا الاسم قبل البلوغ. ولأنّه تعالى مدّ اختبارهم إلى البلوغ بلفظ « حتى » فدلّ على أنّ الاختبار قبل البلوغ.
ولأنّ تأخير اختباره إلى بعد البلوغ يؤدّي إلى الحجر على البالغ الرشيد ، لأنّ الحجر يمتدّ إلى أن يُختبر ويُعلم رشده بمنع ماله ، واختباره قبل البلوغ يمنع ذلك ، فكان أولى.
وقال بعض الشافعيّة وأحمد في الرواية الأُخرى : إنّ الاختبار إنّما يكون بعد البلوغ ؛ لأنّه قبل البلوغ محجور عليه ؛ لبقاء الصغر ، وإنّما يزول الحجر عنه بالبلوغ ، وتصرّف الصبي قد بيّنّا أنّه غير نافذ (٣).
والأوّل أصحّ الوجهين عند الشافعيّة ، وهو الذي اخترناه ، فعليه كيف يُختبر؟
الأولى أنّ الوليّ يأمره بالمساومة في السِّلَع ويمتحنه في الممارسة والمماكسة والمساومة وتقرير الثمن ، فإذا آلَ الأمر إلى العقد ، عَقَده الوليّ ـ فإذا رآه قد اشترى بثمن مثله ولم يغبن واستوفى مقاصد البيع ، علم رشده
__________________
(١ و ٣) الحاوي الكبير ٦ : ٣٥٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٥ ، منهاج الطالبين : ١٢٤ ، المغني ٤ : ٥٦٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٦٢.
(٢) النساء : (٦).