وليس له أيضاً أن يطالبه برهن ولا كفيل ؛ لأنّه ليس له مطالبته بالحقّ فكيف يكون له المطالبة بالرهن أو الكفيل وهو المفرط في حظّ نفسه حيث رضي بالتأجيل من غير رهنٍ ولا كفيل!؟
وهل له أن يكلّفه الإشهاد؟ قال الشافعي : ليس له ذلك (١).
والأقرب عندي أنّه يجب عليه الإشهاد ؛ لما فيه من إبراء الذمّة.
وإن كان السفر مخوفاً ـ كالجهاد ، وركوب البحر ـ لم يكن له المنع منه أيضاً ولا المطالبة برهن ولا كفيل ؛ إذ لا مطالبة له في الحال ، وهو أصحّ وجوه الشافعي.
والثاني : أنّه يمنعه إلى أن يؤدّي الحقّ أو يُعطي كفيلاً ؛ لأنّه في هذا السفر يُعرّض نفسه للهلاك فيضيع حقّه.
والثالث : إن لم يخلّف وفاءً ، مَنَعه. وإن خلّف ، لم يكن له منعه اعتماداً على حصول الحقّ منه (٢).
مسألة ٢٨٨ : ولا فرق بين أن يكون الأجل قليلاً أو كثيراً ، ولا بين أن يكون السفر طويلاً أو قصيراً ، فلو بقي للأجل نصف نهار ثمّ أراد إنشاء سفرٍ طويل في أوّله ، لم يكن لصاحب الدَّيْن منعه منه ، فإنه لا يجب عليه إقامة كفيل ولا دَفْع رهن ، وليس لصاحب الدَّيْن مطالبته بأحدهما ، وبه قال الشافعي (٣).
وقال مالك : إذا علم حلول الأجل قبل رجوعه ، فله أن يطالبه بكفيل
__________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٢.
(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٣٣٧ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٧٢.