ضمان ، لم يكن له الرجوع به ؛ لأنّه متبرّع بفعله ، بخلاف ما لو أوجر طعامَه المضطرَّ ، فإنّه يرجع عليه وإن لم يأذن المضطرّ ؛ لأنّه ليس متبرّعاً بذلك ، بل يجب عليه إطعام المضطرّ استبقاءً لمُهْجته ، ويخالف الهبة ؛ فإنّ في اقتضائها الثواب خلافاً يأتي ؛ لأنّ الهبة متعلّقة باختيار المتّهب ، ولا اختيار للمديون هنا ، وبه قال الشافعي (١).
وقال مالك : إنّه يثبت له الرجوع ، إلاّ إذا أدّى العدوّ دَيْن العدوّ ، فإنّه يتّخذه ذريعةً إلى إيذائه بالمطالبة (٢).
وإن أدّاه بإذن المديون ، فإن [ جرى بينهما ] (٣) شرط الرجوع ، ثبت الرجوع.
وإن لم يَجْر شرط الرجوع بينهما ، ففي الرجوع إشكال ينشأ : من أنّه لم يوجد منه سوى الإذن في الأداء ، وذلك لا يستلزم الرجوع ؛ إذ ليس من ضرورة الأداء الرجوع ؛ لانتفاء الدلالات الثلاث في الأداء على الرجوع. ومن أنّ العادة قاضية في المعاملات بأنّ الرجوع تابع للإذن في الأداء ، والدافع جرى في ذلك على قانون العادات.
والثاني أصحّ وجهي الشافعيّة (٤).
قال بعض الشافعيّة : يقرب هذا الخلاف من الخلاف في أنّ الهبة
__________________
(١) الوسيط ٣ : ٢٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٨ ، منهاج الطالبين : ١٣٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٦١ / ١٩٧٩.
(٢) المدوّنة الكبرى ٥ : ٢٥٥ و ٢١٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٣٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٦١ / ١٩٧٩.
(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٤.