ابتداء الحجر ، بخلاف التبذير ؛ لأنّه قد علم منه إفساده للمال ، ولم يُنقل عن أحدٍ أنّه حجر حاكمٌ على فاسقٍ.
ولا يجوز القياس على استدامة الحجر ؛ لأنّ الحجر هناك كان ثابتاً ، والأصل بقاؤه ، وهنا ثبت الإطلاق ، والأصل بقاؤه ، فلا يلزم من الاكتفاء بالفسق للاستصحاب الاكتفاء به لترك الأصل ، ويخالف التبذير ؛ لأنّه تتحقّق به إضاعة المال ، وبالفسق لا تتحقّق (١).
ونحن لمّا ذهبنا إلى أنّ الفسق لا يوجب الحجر ، وأنّه لا تُشترط في الرشد العدالةُ ، لم يثبت الحجر عندنا بطريان الفسق ما لم ينضمّ إليه تضييع المال في المحارم وغيرها.
مسألة ٤١٩ : السفيه إذا زال تبذيره أو فسقه ، فكّ الحاكم الحجْرَ عنه ، فإن عاد إلى ذلك ، أعاد عليه الحجْرَ ؛ لأنّ الحجر كان لعلّةٍ ، وإذا زالت العلّة ، زال الحكم ، فإن عادت العلّة ، عاد الحكم ؛ قضاءً للعلّيّة ، ولا يُحجر عليه إلاّ بحكم الحاكم ، ولا يزول الحجر عنه إلاّ بحكمه ؛ لاحتياجه إلى الاجتهاد في حَجْره وفي فكّه معاً.
وحَجْر المفلس قد بيّنّا أنّه لا يثبت إلاّ بحكم الحاكم.
والأقرب : زواله بقضاء الديون.
وللشافعي وجهان (٢).
وأمّا المرتدّ فإنّه يُحجر عليه بنفس الردّة ، وهو أحد قولي الشافعي.
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٩ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٩ ـ ٥٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٥.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٤ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٠٦ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٨٢.