وقال : لو كان المفلس قصّاراً أو صائغاً وأفلس وحُجر عليه وعنده ثياب الناس وحُليّهم ، أيقال : لا يُقبل قوله في ردّ أموال الناس؟ (١).
ولأنّ هذا دَيْنٌ ثابت عليه مضاف ـ بقوله ـ إلى ما قبل الحجر ، فوجب أن يشارك صاحبه الغرماء ، كما لو ثبت بالبيّنة ، وبالقياس على ما إذا أقرّ المريض بدَيْنٍ يزاحم المُقرّ له غرماء الصحّة.
والقول الثاني للشافعي : إنّه لا يُقبل في حقّ الغرماء ـ وبه قال مالك وأحمد ومحمّد بن الحسن ـ لأنّ حقّ الغرماء تعلّق بما لَه من المال ، وفي القبول إضرار بهم بمزاحمته إيّاهم. ولأنّه متّهم في هذا الإقرار ، فلا يسقط به حقّ الغرماء المتعلّق بماله ، كما لو أقرّ بما رهنه ، فحينئذٍ لا يشارك المُقرّ له الغرماء ، بل يأخذ ما فضل عنهم (٢).
وتُمنع التهمة ؛ لأنّ ضرر الإقرار في حقّه أكثر منه في حقّ الغرماء ، فلا تهمة فيه ، فإنّ الظاهر من حال الإنسان أنّه لا يُقرّ بدَيْنٍ عليه وليس عليه دَيْنٌ.
مسألة ٢٧٦ : لو أقرّ بدَيْنٍ لاحقٍ بعد الحجر وأسنده إلى ما بعد الحجر ، فإن كان قد لزمه باختيار صاحبه ـ كالبيع والقرض وغيرهما من المعاملات المتجدّدة بعد الحجر ـ فإنّه يكون في ذمّته ، ولا يشارك المُقرّ له الغرماء ؛ لأنّ صاحب المال رضي بذلك إن علم أنّه مفلس ، وإن لم يعلم ، فقد فرّط في ذلك.
وإن كان قد لزمه عن غير رضا صاحبه ـ كما لو أتلف عليه مالاً أو جنى عليه جناية ـ فالأقرب : أنّه يُقبل في حقّ الغرماء ، كما لو أسند الدَّيْن
__________________
(١) الأُم ٣ : ٢١٠.
(٢) نفس المصادر في الهامش (٣) من ص ٢٨.