فنقول : إذا اشترى عيناً وعمل فيها ما يزيد في صفتها ـ مثل أن يشتري حنطة فيطحنها أو يزرعها ، أو دقيقاً فيخبزه ، أو ثوباً فيقصره ، أو يخيطه قميصاً بخيوط من الثوب ، أو غزلاً فينسجه ، أو خشباً فينشره ألواحاً ، أو ألواحاً فينجرها باباً ، وبالجملة أن يعمل شيئاً يزيل اسمه ـ فإنّه لا يسقط حقّ الرجوع بذلك عندنا إذا أفلس ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّ العين لم تخرج عن حقيقتها بتوارد هذه الصفات عليها ، فكان واجداً عين ماله ، فله الرجوع فيها.
وقال أحمد : يسقط حقّ البائع من الرجوع ؛ لأنّه لم يجد عين ماله بعينه ، فلم يكن له الرجوعُ ، كما لو أتلفه. ولأنّه غيّر اسمه وصفته ، فلم يكن له الرجوع ، كما لو كان نوىً فنبت شجراً (٢).
وليس بصحيح ؛ لأنّا قد بيّنّا أنّ العين لم تخرج عن حقيقتها ، وإلاّ لكان الغاصب يملك المغصوب إذا فَعَل به هذه الصفات ، وكان ينتقل حقّ المغصوب منه إلى المثل أو القيمة ، وليس كذلك. وتغيير الوصف لا ينافي بقاء العين ، ويخالف النوى ؛ لأنّ الحقيقة قد زالت ووُجدت أُخرى.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إن لم تزد قيمة المبيع بهذه الصفات ، لم يكن للمفلس شركة فيه ، بل يأخذه البائع موصوفاً بهذه الصفة ، سواء غرم عليها المفلس شيئاً أو لا.
وإن نقصت قيمته ، فلا شيء للبائع معه.
__________________
(١) الأُم ٣ : ٣٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٢ ، التنبيه : ١٠٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٩٦ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.
(٢) المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢ ـ ٥١٣.