وجزم بعض الشافعيّة بالمنع هنا. وفرّق بأنّ العين المضمونة مستحقّة ونفس العبد ليست مستحقّةً ، وإنّما المقصود تحصيل الأرش من بدله ، وبدله مجهول (١).
ولو باع شيئاً بثوب أو دراهم معيّنة فضمن ضامن عهدة المبيع حتى إذا خرج مستحقّاً ردّ عليه الثمن وهو قائم في يد البائع ، فهذا من صور ضمان الأعيان ، فإن تلف في يد البائع فضمن قيمته ، فهو كما لو كان الثمن في الذمّة وضمن العهدة.
ولو رهن ثوباً من إنسان ولم يقبضه ، فضمن رجل تسليمه ، لم يصح ؛ لأنّه ضمان ما لم يجب.
إذا عرفت هذا ، فقد اختلف قول الشافعيّة في صحّة ضمان الأعيان المضمونة ، كالغصب وشبهه.
فقال بعضهم : يصحّ ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد على ما تقدّم (٢) ؛ لأنّها مضمونة على مَنْ هي في يده ، فهي كالديون الثابتة في الذمّة.
والثاني (٣) : لا يصحّ ضمانها ؛ لأنّها غير ثابتة في الذمّة ، وإنّما يصحّ ضمان ما كان ثابتاً في الذمّة ، ووصفنا إيّاها بأنّها مضمونة معناه أنّه يلزمه قيمتها بتلفها ، والقيمة مجهولة ، وضمان المجهولة لا يجوز (٤).
مسألة ٥١٢ : للشيخ رحمهالله قولان في ضمان المجهول.
قال في الخلاف : لا يصحّ (٥) ، وبه قال ابن أبي ليلى والثوري والليث
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٨٨.
(٢) في ص ٣٢١ ، المسألة ٥١١.
(٣) أي القول الثاني للشافعيّة.
(٤) المغني ٥ : ٧٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٨٧ ، وأيضاً راجع المصادر في الهامش (٤) من ص ٣٢١.
(٥) الخلاف ٣ : ٣١٩ ، المسألة ١٣.