وإنّما أضاف الله تعالى الأموالَ إلى الأولياء وهي لغيرهم ؛ لأنّهم القُوّام عليها والمدبِّرون لها ، وقد يضاف الشيء إلى غيره بأدنى ملابسة ، كما يقال لأحد حاملي الخشبة : خُذْ طرفك. فقد شرط الله في دفع المال إلى اليتيم أمرين : البلوغ ، وقد سبق ، والرشد ؛ لأنّ الحجر عليه إنّما كان لعجزه عن التصرّف في ماله على وجه المصلحة حفظاً لمالِه عليه ، وبالبلوغ والرشد يقدر على التصرّف ، ويحفظ ماله ، فيزول الحجر ؛ لزوال سببه.
إذا عرفت هذا ، فإنّما يزول الحجر عن الصبي بأمرين : البلوغ ، والرشد ؛ لقوله تعالى : ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (١).
والبلوغ قد سلف.
وأمّا الرشد : فقال الشيخ رحمهالله : هو أن يكون مصلحاً لمالِه ، عَدْلاً في دينه ، فإذا كان مصلحاً لمالِه غيرَ عَدْلٍ في دينه ، أو كان عَدْلاً في دينه غيرَ مصلحٍ لمالِه ، فإنّه لا يُدفع إليه (٢). وبه قال الشافعي والحسن البصري وابن المنذر (٣) ؛ لقوله تعالى : ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ) (٤) والفاسق موصوف بالغيّ لا بالرشد.
وروي عن ابن عباس أنّه قال في قوله تعالى : ( فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ
__________________
(١) النساء : (٦).
(٢) الخلاف ٣ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، المسألة (٣).
(٣) الأُم ٣ : ٢١٥ ، مختصر المزني : ١٠٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٣٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٣ ـ ٥٣٤ ، التفسير الكبير ـ للرازي ـ ٩ : ١٨٨ ، الوجيز ١ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤١٦ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٨١ ، المغني ٤ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٥٩.
(٤) النساء : (٦).