الضمان محض التزامٍ ، وليس موضوعاً على قواعد المعاملات (١).
تذنيب : أبو حنيفة وافقنا على اشتراط رضا المضمون له في الضمان إلاّ في مسألة واحدة استثناها ، وهي : أنّ المريض لو التمس من الورثة أن يضمنوا دَيْنه فأجابوا ، صحّ وإن لم يرض المضمون له (٢).
مسألة ٤٩٩ : نحن وأبو حنيفة والشافعي ـ في أحد القولين ـ لمّا اشترطنا في صحّة الضمان رضا المضمون له تفرّع عندنا فرع ، وهو : أنّه هل يُشترط قبول (٣) المضمون له ، أو لا ، بل يكفي في صحّة الضمان الرضا؟ إشكال ينشأ : من أنّه تملّك في مقابلة تمليك الضامن ، فيعتبر فيه القبول ، كسائر التمليكات والتملّكات. ومن أصالة عدم الاشتراط ، مع قيام الفرق بينه وبين سائر التملّكات ؛ فإنّ الضمان لا يُثبت ملكَ شيء جديد ، وإنّما يتوثّق به الدَّيْن الذي كان مملوكاً.
ويُنتقض بالرهن ؛ فإنّه لا يفيد إلاّ التوثيق ، ويُعتبر فيه القبول.
وللشافعيّة قولان ـ كالاحتمالين ـ لكنّ الأصحّ عندهم : الثاني (٤).
والأقرب عندي : الأوّل ؛ لأنّه عقد ، فلا بدّ من القبول.
قال بعض الشافعيّة : يقرب هذا الخلاف من الخلاف في اشتراط القبول في الوكالة ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهم يُجدّد سلطنةً لم تكن ، فإن شرطنا القبول فليكن بينه وبين الضمان من التواصل ما بين الإيجاب والقبول في
__________________
(١) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٩٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢.
(٢) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٩٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧٧ ، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٥.
(٣) أي القبول لفظاً.
(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥ ، الوسيط ٣ : ٢٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٤ ، منهاج الطالبين : ١٢٩.