الفصل الثالث : في الحوالة
وفيه مباحث :
الحوالة مشتقّة من تحويل الحقّ من ذمّةٍ إلى ذمّةٍ. وهي عقد وُضع للإرفاق ، منفرد بنفسه ، وليست بيعاً ولا محمولةً عليه عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر العلماء (١) ، وإلاّ لما صحّت ؛ لأنّها بيع دَيْنٍ بدَيْنٍ ، وذلك منهيّ عنه (٢) ، والحوالة مأمور بها ، فتغايرا.
ولأنّها لو كانت بيعاً ، لما جاز التفرّق قبل القبض ؛ لأنّه بيع مال الربا بجنسه ، فلا يجوز مع التأخير والتفرّق قبل القبض ، ولجازت بلفظ البيع ، ولجازت من جنسين ، كالبيع.
ولأنّ لفظها يشعر بالتحويل لا بالبيع. فعلى هذا لا يدخلها خيار المجلس ، وفي خيار الشرط ما تقدّم (٣) ، وتلزم بمجرّد العقد.
وقد قيل : إنّها بيع ، فإنّ المحيل يشتري ما في ذمّته بما لَه في ذمّة المحال عليه ، وجاز تأخير القبض رخصةً ؛ لأنّه موضوع على الرفق ، فيدخلها حينئذٍ خيارُ المجلس لذلك (٤).
والصحيح ما تقدّم ؛ فإنّ البيع مختصّ بألفاظ ولوازم منفيّة عن هذا
__________________
(١) راجع المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤.
(٢) الكافي ٥ : ١٠٠ ( باب بيع الدَّين بالدَّيْن ) ح ١ ، التهذيب ٦ : ١٨٩ / ٤٠٠.
(٣) في ج ١١ ، ص ٦٤ ، ضمن المسألة ٢٥١.
(٤) المغني والشرح الكبير ٥ : ٥٤.