والثانية : يلزمه عوضه ـ وهو قول عبيدة السلماني وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية والشافعي في أحد القولين ـ لأنّه استباحه للحاجة من مال غيره ، فلزمه قضاؤه ، كالمضطرّ إلى طعام غيره (١).
وبه رواية عندنا عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج إليه فيمدّ يده فيأخذه وينوي أن يردّه ، قال : « لا ينبغي له أن يأكل إلاّ القصد ولا يسرف ، فإن كان من نيّته أن لا يردّه إليهم فهو بالمنزل الذي قال الله عزّ وجلّ : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ) (٢) » (٣).
والمعتمد : الأوّل ؛ لما قلناه. وهذه الرواية في طريقها قول. ولأنّه لو وجب أداؤه مع اليسار لكان واجباً في الذمّة قبل اليسار ، فإنّ اليسار ليس بسببٍ للوجوب ، فإذا لم يجب بالسبب الذي هو الأكل لم يجب بعده ، بخلاف المضطرّ ، فإنّ العوض واجب عليه في ذمّته ؛ لأنّه لم يأكله عوضاً عن شيء ، وهنا بخلافه.
مسألة ٤٦٥ : للوصي الاستنابة فيما لا يقدر على مباشرته إجماعاً ، دفعاً للضرر ، وكذا ما يقدر عليه لكن لا يصلح مثله لمباشرته ، قضاءً للعادة ، وتنزيلاً للإطلاق على المتعارف من المباشرة والمعهود بينهم.
وأمّا ما يصلح لمثله أن يليه : الأولى المنع ؛ لأنّه يتصرّف في مال غيره بالإذن ، فلم يكن له الاستنابة ، كالوكيل. ولأنّه غير مأذون له فيه ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وفي الأُخرى : يجوز للوصي ذلك (٤).
__________________
(١) المغني ٤ : ٣١٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٧٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٣٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٠ ـ ٥٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٨٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٢٥.
(٢) النساء : ١٠.
(٣) الكافي ٥ : ١٢٨ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٣٩ / ٩٤٦.
(٤) المغني ٥ : ٢١٦ ـ ٢١٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٢١٠.