وقال القفّال : لا يملك مطالبته به (١) ، وهو الأقوى عندي ؛ إذ الضامن إنّما يرجع بما أدّى ، فقبل الأداء لا يستحقّ الرجوع ، فلا يستحقّ المطالبة.
وإن كان المضمون له لم يطالب الضامن ، فهل للضامن أن يطالب المضمون عنه بالتخليص؟ للشافعيّة وجهان :
أحدهما : نعم ، كما لو استعار عيناً ليرهنها ورهنها ، فإنّ للمالك المطالبة بالفكّ. ولأنّ عليه ضرراً في بقائه ؛ لأنّه قد يتلف مال المضمون عنه فلا يمكنه الرجوع عليه.
وأصحّهما عندهم : أنّه ليس له المطالبة ؛ لأنّه لم يغرم شيئاً ، ولا توجّهت عليه مطالبةٌ ، والضمان تعلّق بذمّته ، وذلك لا يُبطل شيئاً من منافعه ، فإذا لم يطالَبْ لم يطالِبْ ، بخلاف الرهن ؛ فإنّ الرهن محبوس بالدَّيْن ، وفيه ضررٌ ظاهر (٢).
ومعنى التخليص أن يؤدّي دَيْن المضمون له ليبرأ ببراءة الضامن.
قال ابن سريج : إذا قلنا : ليس له مطالبته بتخليصه ، فللضامن أن يقول للمضمون له : إمّا أن تطالبني بحقّك ، أو تبرئني (٣).
مسألة ٥٢٩ : إذا ضمن بسؤاله ، كان له الرجوع إذا غرم ، وليس له الرجوع قبل الغرم.
وللشافعيّة في أنّه هل يُمكَّن الضامن من تغريم الأصيل قبل أن يغرم؟ وجهان ؛ بناءً على الأصل المذكور ، إن أثبتنا له حقّاً على الأصيل بمجرّد الضمان ، فله أخذه ، وإلاّ فلا (٤).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٣.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٧.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٣.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٧.