وقد ظلم هذا وأخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن بقي عليه شيء أخذ من سيّئاتهم فيردّ عليه ثمّ صلّ في النار » (١).
هذا في عرف اللغة ، وأمّا في الشرع فقيل : مَنْ عليه الديون بحيث لا يفي بها ماله (٢). وشمل مَنْ لا مال له البتّة ، ومَنْ له مالٌ قاصر.
وسُمّي مفلساً وإن كان ذا مال ؛ لأنّ ماله يستحقّ الصرف في جهة دَيْنه ، فكأنّه معدوم ، وقد دلّ عليه تفسير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : مفلس الآخرة ، فإنّه أخبر أنّ له حسنات كالجبال لكنّها دون ما عليه ، فقُسّمت بين الغرماء ، فبقي لا حسنة له. ومِثْلُ هذا الرجل يجوز للحاكم الحَجْر عليه بشرائط تأتي.
وهذا التعريف شامل لمن قصر ماله ومَنْ لا مال له ، فيحجر عليه في المتجدّد باحتطابٍ وشبهه.
والفلس سبب في الحجر بشروط خمسة : المديونيّة ، وثبوت الديون عند الحاكم ، وحلولها ، وقصور ما في يده عنها ، والتماس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه.
مسألة ٢٥٨ : إذا حجر الحاكم عليه ، ثبت حكمان :
[ أحدهما ] (٣) : تعلّق الدَّيْن بماله وإن تجدّدت الماليّة بعد الحجر حتى لا ينفذ تصرّفه فيه بما يضرّ الغرماء ولا تزاحمها الديون الحادثة.
والثاني : أنّ مَنْ وجد عند المفلس عينَ ماله كان أحقَّ به من غيره.
ولو مات مفلساً قبل أن يحجر عليه ، تعلّقت الديون بالتركة [ و ] (٤) لا فرق بين المفلس وغيره.
__________________
(١) أورده ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٤ : ٤٩٢ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ ، وبمعناه في صحيح مسلم ٤ : ١٩٩٧ / ٢٥٨١ ، وسنن الترمذي ٤ : ٦١٣ / ٢٤١٨.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٦٢.
(٣ و ٤) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.