لأصالة البراءة ، على أنّ النهي عن المنع منه لا يمنع كونه دليلاً على الاستحقاق ؛ لأنّا نستدلّ بوضعه على كون الوضع مستحقّاً على الدوام حتى لو زالت جازت إعادتها.
ولأنّ كونه مستحقّاً مشروطٌ له الحاجة إلى وضعه ، ففيما لا حاجة إليه له منعه من وضعه ، وأكثر الناس لا يتسامحون به ، ولهذا لمّا روى أبو هريرة الحديثَ عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم طأطئوا رءوسهم كراهةً لذلك ، فقال : مالي أراكم عنها معرضين ، والله لأرمينّ بها بين أكتافكم (١) ، وأكثر العلماء منعوا من التمكّن من هذا (٢).
ولأنّ الأزج يرجّح به فكذا هذا ؛ لجامع الاشتراك في التصرّف.
ولأنّهما لو تنازعا في الحائط وثبت بالبيّنة لأحدهما ، حُكم بالأساس [ له ] (٣) ؛ لأنّه صار صاحب يدٍ فيه ، فإذا [ اقتضى ] (٤) الجدار على الأساس الترجيحَ في الأساس ، وجب أن [ تقتضي ] ٥ الجذوع على الجدار الترجيحَ في الجدار.
تذنيب : لا فرق بين الجذع الواحد في ذلك وما زاد عليه عند عامّة أهل العلم في الدلالة على الاختصاص والمنع منها.
ورجّح مالك بالجذع الواحد (٦) ، كقولنا.
وفرّق أبو حنيفة بين الجذع الواحد والجذعين فما زاد ، فرجّح بما زاد على الواحد ؛ لأنّ الحائط يبنى لوضع الجذوع عليه ، فرجّح به الدعوى ،
__________________
(١) راجع الهامش (١) من ص ١٠٢.
(٢) راجع المغني ٥ : ٤٤ ، والشرح الكبير ١٢ : ١٦٩.
(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.
(٤ و ٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « قضى ... يقضي ».
(٦) حلية العلماء ٥ : ٢٦ ، البيان ١٣ : ١٩٣ ، وراجع أيضاً الهامش (٢) من ص ١٠٢.