وكذا في الشجر.
قال بعض الشافعيّة : إذا دفع شاةً إلى رجلٍ وقال : ملّكتُك دَرَّها ونسلها ، فهي هبة فاسدة ، وما حصل في يده من الدّرّ والنسل كالمقبوض بالهبة الفاسدة ، والشاة مضمونة عليه بالعارية الفاسدة.
ولو قال : أبحتُ لك دَرَّها ونسلها ، فهو كما لو قال : ملّكتُك ، على أحد الوجهين. والثاني : إنّه (١) إباحة صحيحة ، والشاة عارية صحيحة. وعلى هذا فقد تكون العارية لاستفادة عينٍ ، وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرّد المنفعة ، بخلاف الإجارة.
ولو قال : ملّكتُك درَّها ، أو : أبحتُك على أن تعلفها ، فقد جعل العلف أُجرة الشاة وثمن الدّرّ والنسل ، فالشاة غير مضمونةٍ ؛ لأنّها مقبوضة بإجارةٍ فاسدة ، والدَّرّ والنسل مضمون عليه بالشراء الفاسد.
وكذا لو دفع فلساً إلى سقّاء وأخذ الكوز ليشرب فسقط من يده وانكسر ، ضمن الماء ؛ لأنّه مأخوذ بالشراء الفاسد ، ولا يضمن الكوز ؛ لأنّه في يده بإجارةٍ فاسدة ، وإن أخذه مجّاناً فالكوز عارية ، والماء كالمقبوض بالهبة الفاسدة (٢).
مسألة ٨٦ : تجوز إعارة الدراهم والدنانير ـ وهو أحد وجهي الشافعيّة (٣) ـ لأنّ لها منفعةً حكميّةً تُفرض مطلوبةً للعقلاء ، فجاز التوصّل إليها بالإعارة والاستعارة ، من التزيّن بها ، وجذب قلوب الراغبين إلى معاملته وإقراضه ، وذلك فائدة عظيمة.
__________________
(١) الظاهر : « إنّها ».
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨٦ ـ ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٤ ـ ٧٥.
(٣) الوجيز ١ : ٢٠٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨٠ ، البيان ٦ : ٤٥١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧١ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٢.