مسألة ٩٠ : لا يشترط تعيين العين المُستعارة عند الإعارة ، فلو قال : أعرني دابّتك أو دابّةً ، فقال : ادخل الاصطبل فخُذْ ما شئت ، صحّت العارية ، بخلاف الإجارة ؛ لأنّ فيها عوضاً ، فلا يدخلها الغرر الذي لا يحتمل في المعاوضة.
الركن الرابع : الصيغة.
مسألة ٩١ : لمّا كان الأصل في الأموال العصمة ، لم يُبَحْ شيء منها على غير مالكها ، إلاّ بالرضا منه ، ولمّا كان الرضا من الأُمور الباطنة الخفيّة تعذّر التوصّل إليه قطعاً ، فاكتفي فيه بالظنّ المستفاد من العبارات والألفاظ وما يقوم مقامها.
ولا يختصّ لفظٌ بعينه ، بل المعتد به في هذا الباب كلّ لفظٍ يدلّ على الإذن في الانتفاع بالعين مع بقائها مطلقاً أو مدّة معيّنة ، كقوله : أعرتُك ، أو أذنتُ لك في الانتفاع به ، أو انتفع به ، أو خُذْه لتنتفع به ، وما أشبه ذلك.
ولا يشترط القبول نطقاً ، فلو قال : أعرتُك ، جاز له الانتفاع به وإن لم يتلفّظ بالقبول ؛ لأنّه عقد ضعيف ، لأنّه يثمر إباحة الانتفاع ، وهي قد تحصل بغير عقدٍ ، كما لو حسن ظنّه بصديقه ، كفى في الانتفاع عن العقد ، وكما في الضيف ، بخلاف العقود اللازمة ، فإنّها موقوفة على ألفاظٍ خاصّة اعتبرها الشرع.
مسألة ٩٢ : والأقرب عندي : إنّه لا تفتقر العارية إلى لفظٍ ، بل تكفي قرينة الإذن بالانتفاع من غير لفظٍ دالٍّ على الإعارة أو الاستعارة ، لا من طرف المُعير ولا من طرف المُستعير ، كما لو رآه عارياً فدفع إليه قميصاً فلبسه ، تمّت العارية.