الفصل الثاني : في المتعاقدين
مسألة ٦ : يشترط في المستودع والمُودِع التكليف ، فلا يصحّ الإيداع إلاّ من مكلّفٍ ، فلو أودع الصبي أو المجنون غيرَه شيئاً ، لم يجز له قبوله منهما ، فإن قَبِله وأخذه من أحدهما ضمن.
ولا يزول الضمان إلاّ بالردّ إلى الناظر في أمرهما ، ولو ردّه إليهما لم يبرأ من الضمان ؛ لأنّهما محجور عليهما.
ولو خاف هلاكه فأخذه منهما إرفاقاً لهما ونظراً في مصلحتهما على وجه الحسبة صوناً له ، فالأقرب : عدم الضمان ؛ لأنّه محسن إليهما ، وقد قال تعالى : ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) وهو أحد وجهي الشافعيّة ، والثاني : إنّه [ ضامن ] (٢) كالوجهين ـ عندهم ـ فيما إذا أخذ المُحْرم صيداً من جارحةٍ [ ليتعهّده ] (٣). والظاهر عندهم : عدم الضمان (٤).
مسألة ٧ : كما أنّ التكليف شرط في المودِع كذا هو شرط في المستودع ، فلا يصحّ الإيداع إلاّ عند مكلّفٍ ؛ لأنّه استحفاظ ، والصبي
__________________
(١) التوبة : ٩١.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لا ضمان عليه ». والمثبت يقتضيه السياق.
(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ليتعهّدها ». والمثبت هو الصحيح.
(٤) الحاوي الكبير ٨ : ٣٨٤ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٦٦ ، الوجيز ١ : ٢٨٤ ، حلية العلماء ٥ : ١٦٧ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٥ : ١١٦ ، البيان ٦ : ٤٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٩ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٧.