الفصل الرابع : في وجوب الردّ عند البقاء
مسألة ٥٦ : إذا كانت الوديعة باقيةً وطلبها مالكها ، وجب على المستودع ردّها عليه في أوّل أوقات الإمكان ، ولا تجب عليه مباشرة الردّ ولا تحمّل مئونته ، بل ذلك على المالك ، وإنّما يجب على المستودع رفع يده عنها والتخلية بين المالك والوديعة ، فإن أخّر المستودع ذلك مع إمكانه وطلب الردّ ، كان ضامناً ، وكان ذلك من أسباب التقصير ، السالفة.
ولو تعذّر الردّ ، لم يضمن ، وتجب عليه المبادرة في أوّل أوقات زوال العذر ، فلو طالبه بالردّ ليلاً والوديعة في صندوقٍ أو خزانةٍ لا يمكن فتحها في تلك الحال ، لم يكن مفرّطاً.
وكذا لو طالبه وهو مشغول بالصلاة أو بقضاء حاجةٍ أو طهارة أو في حمّامٍ أو على طعامٍ فأخّر حتى يفرغ ، أو كان ملازماً لغريمٍ يخاف فوته ، أو كان يجيء المطر والوديعة في البيت وأخّر حتى ينقطع ويرجع إلى البيت وما أشبه ذلك ، فهو جائز.
ولا يُعدّ ذلك تقصيراً ولا يؤثّر ضماناً لو تلفت الوديعة في تلك الحال ، على إشكالٍ أقربه : التفصيل ، وهو : إنّ التأخير إن كان لتعذّر الوصول إلى الوديعة فلا ضمان ، وكذا لو كان في صلاة فَرْضٍ.
وإن كان لعُسْرٍ يلحقه وغرض يفوته أو كان في صلاة نَفْلٍ ، فالأقرب : إنّه يضمن ؛ لأنّ دفع الوديعة إلى المالك مع المطالبة واجب مضيَّق ، وهذه الأشياء ليست أعذاراً فيه.
وبعض الشافعيّة جوّز له التأخيرَ في هذه الأشياء بشرط التزام خطر