دليله.
وقال أبو حنيفة : تنعقد الشركة ؛ لأنّهما يجريان مجرى الجنس الواحد ؛ لأنّهما قِيَم المتلفات وأُروش الجنايات ، ولأنّه لا يوجب المزج ، بل نقول : تنعقد الشركة بالقول وإن لم يخلطا المالين بأن يُعيّنا المال ويُحضراه ويقولا : قد تشاركنا في ذلك (١).
وهو غلط ؛ لأنّهما مالان لا يختلطان ، وهُما متميّزان ، فلا يصحّ عقد الشركة عليهما كالعروض.
وما ذكروه فليس بصحيحٍ ؛ لأنّهما يجريان في حكم الربا مجرى الجنسين عند جماعةٍ ، ولأنّ الاعتبار بما ذكرناه ، دون الجنس الواحد.
وأحمد وافق أبا حنيفة في عدم اشتراط اتّفاق الجنسين ، بل يجوز أن يُخرج أحدهما دنانير والآخَر دراهم ، وهو منقول عن الحسن وابن سيرين (٢).
مسألة ١٥٢ : ولا بدّ مع اتّفاق الجنس من اتّفاق الأوصاف بحيث لا يتميّز أحدهما عن الآخَر ، فلو تميّز مال أحدهما من مال الآخَر وأمكن تخليصه منه بعينه بعد المزج ، لم تصح الشركة ، بأن تختلف السكّة أو يُخرج أحدهما صحاحاً والآخَر مكسَّرةً ، أو أحدهما مستويةً والآخَر معوجةً ، أو أخرج أحدهما دراهم عتيقة أو سُوداً والآخَر حديثةً أو بيضاء ؛
__________________
١٥٢ ـ ١٥٣ ، المحيط البرهاني ٦ : ٧ ، المغني ٥ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١١٨ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٣ ـ ٤.
(١) الفقه النافع ٣ : ٩٩٣ / ٧١٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٨١ ، بحر المذهب ٨ : ١٢٣ ، البيان ٦ : ٣٣٠ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٣ ، وراجع الهامش (٤) من ص ٣٣١.
(٢) المغني ٥ : ١٢٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١١٨ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٦٢ ـ ٦٣ / ٤٢.