وأمّا الإجماع : فلا خلاف بين علماء الأمصار في جميع الأعصار في جوازها والترغيب فيها ، ولأنّه لمّا جازت هبة الأعيان جازت هبة المنافع ، ولذلك صحّت الوصيّة بالأعيان والمنافع جميعاً.
مسألة ٧٩ : العارية مستحبّة مندوب إليها مرغّب فيها ؛ لأنّ اقتران المانع منها في الآية مع المرائي في صلاته (١) يدلّ على شدّة الحثّ عليها والتزهيد في منعها والترغيب في فعلها ، ولأنّها من البرّ وقد أمر الله تعالى بالمعاونة فيه (٢).
وليست واجبةً في قول أكثر أهل العلم (٣) ؛ للأصل.
ولقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا أدّيتَ زكاة مالك فقد قضيتَ ما عليك » (٤).
وقال عليهالسلام : « ليس في المال حقٌّ سوى الزكاة » (٥).
وسأله الأعرابي فقال له : ما ذا افترض الله علَيَّ من الصدقة؟ قال : « الزكاة » قال : هل علَيَّ غيرها؟ قال : « لا ، إلاّ أن تتطوّع » (٦).
وقيل : إنّها واجبة ؛ للآية (٧) ، ولما رواه أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « ما من صاحب إبلٍ لا يؤدّي حقّها » الحديث ، قيل : يا رسول الله وما حقّها؟ قال : « إعارة دلوها ، وإطراق فحلها ، ومنحة لبنها يوم وردها » (٨)
__________________
(١) الماعون : ٦ و ٧.
(٢) المائدة : ٢.
(٣) المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٥٤.
(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٠ / ١٧٨٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٤ / ٦١٨.
(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٠ / ١٧٨٩.
(٦) صحيح البخاري ١ : ١٨ ، و ٣ : ٢٣٥ ، صحيح مسلم ١ : ٤١ / ١١ ، سنن أبي داوُد ١ : ١٠٦ / ٣٩١ ، سنن النسائي ١ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، سنن البيهقي ١ : ٣٦١ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٥٥.
(٧) الماعون : ٧.
(٨) المغني والشرح الكبير ٥ : ٣٥٤.