فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في بيته ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليهما حتى كشف سجف (١) حجرته ونادى : « يا كعب » قال : لبّيك يا رسول الله ، فأشار بيده أنْ ضَعِ الشطرَ من دَيْنك ، قال كعب : قد فعلتُ يا رسول الله ، قال : « قُمْ فاقبضه » (٢).
ومن طريق الخاصّة : ما رواه حفص بن البختري ـ في الحسن ـ عن الصادق عليهالسلام قال : « الصلح جائز بين الناس » (٣).
وفي الصحيح عن الباقر والصادق عليهماالسلام أنّهما قالا في رجلين كان لكلّ واحدٍ منهما طعام عند صاحبه لا يدري كلّ واحدٍ منهما كم له عند صاحبه ، فقال كلّ واحدٍ منهما لصاحبه : لك ما عندك ولي ما عندي ، فقال : « لا بأس بذلك » (٤).
وقد أجمعت الأُمّة على جواز الصلح في الجملة ، ولم يقع بين العلماء فيه خلاف.
مسألة ١٠٢٢ : الصلح عند علمائنا أجمع عقدٌ قائم بنفسه ليس فرعاً على غيره ، بل هو أصل في نفسه منفرد بحكمه ، ولا يتبع غيره في الأحكام ؛ لعدم الدليل على تبعيّته على الغير ، والأصل في العقود الأصالة.
وقال الشافعي : إنّه ليس بأصلٍ ينفرد بحكمه ، وإنّما هو فرع على غيره. وقسّمه على خمسة أضرُب :
ضرب هو فرع البيع ، وهو أن يكون في يده عينٌ أو في ذمّته دَيْنٌ
__________________
(١) السجْف : الستر. النهاية ـ لابن الأثير ـ ٢ : ٣٤٣ « سجف ».
(٢) صحيح البخاري ٣ : ٢٤٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٩٢ / ١٥٥٨ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٣ ـ ٦٤ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٩ : ٦٧ ـ ٦٨ / ١٢٨.
(٣) الكافي ٥ : ٢٥٩ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٧٩.
(٤) التهذيب ٦ : ٢٠٦ / ٤٧٠.