والخبر مشترك الدلالة ؛ لأنّ في تكليف الشريك العمارةَ إضراراً عظيماً به ، فلم يُجبر عليها.
والفرق بينه وبين القسمة ظاهر ؛ فإنّ للإنسان الاختصاصَ بالتصرّف في ملكه ، وإنّما يتمّ بالقسمة ، والإجبار على العمارة يقتضي إجبار الغير على عمارة ملكه لينتفع الآخَر به ، والقسمة دفع الضرر عنهما بما لا ضرر فيه ، والبناء مضرّ ؛ لما فيه من الغُرْم ، ولا يلزم من إجباره على إزالة الضرر بما لا ضرر فيه إجباره على إزالته بما فيه ضرر.
مسألة ١٠٧٣ : لو هدم أحد الشريكين الجدار المشترك من غير إذن صاحبه ، فإن كان لاستهدامه وفي موضع وجوب الهدم ، لم يكن عليه شيء.
وإن كان ممّا لا يجب هدمه أو هدمه وهو معمور لا يخشى عليه السقوط ، فقد اختلف قول علمائنا :
قال بعضهم : يُجبَر الهادم على عمارته وإعادته إلى ما كان عليه أوّلاً (١).
والأقوى : لزوم الأرش على الهادم ؛ لأنّ الجدار ليس بمِثْليٍّ.
مسألة ١٠٧٤ : قد بيّنّا أنّه لا يجب على الشريك في الجدار بناؤه لو انهدم ولا مساعدة شريكه فيه لإزالة الضرر عن شريكه ؛ لأنّ الممتنع قد لا يكون له نفعٌ في الحائط ، بل وقد يكون عليه ضرر فيه أكثر من نفعه به ، وقد يكون معسراً لا مال له ينفق على البناء ، فحينئذٍ لا يُجبر لو امتنع عن الإنفاق وإن كان موسراً وكان يتضرّر بترك البناء.
وعلى القديم للشافعي يُجبر (٢).
__________________
(١) شرائع الإسلام ٢ : ١٢٥.
(٢) راجع الهامش (٢) من ص ٦٨.