فالوجه : إنّه لا يضمن ؛ لأنّه لم يقصد إلاّ الحفظ المأمور به ، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة (١).
ولهم وجهٌ آخَر : إنّه يضمن (٢).
هذا إذا علم المستودع ، أمّا لو لم يعلم بأن كان في صندوقٍ أو كيسٍ مشدود ولم يُعْلمه المالك به ، فلا ضمان على المستودع إجماعاً.
مسألة ١١ : قد بيّنّا أنّ ركوب الدابّة خيانة لا مطلقاً ، ولكن مع عدم احتياج الحفظ إليه ، فلو احتاج حفظ الدابّة المودَعة إلى أن يركبها المستودع إمّا أن يخرج بها إلى السقي أو الرعي وكانت لا تنقاد إلاّ بالركوب ، فلا ضمان ؛ لعدم التعدّي والتفريط حينئذٍ.
ولو كانت الدابّة تنقاد بغير ركوبٍ فركب ضمن ، إلاّ مع عجزه عن سقيها أو رعيها بدون ركوبها فإنّه يجوز ، ولا ضمان.
مسألة ١٢ : لو أخذ المستودع الدراهم المودَعة عنده ليصرفها إلى حاجته ، أو أخذ الثوب ليلبسه ، أو أخرج الدابّة من مكانها ليركبها ثمّ لم يستعمل ، ضمن ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّ الإخراج على هذا القصد خيانة.
وقال أبو حنيفة : لا يضمن حتى يستعمل (٤).
ولو نوى الأخذ ولم يأخذ أو نوى الاستعمال ولم يستعمل ، ففي
__________________
(١ و ٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٥ : ١٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.
(٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٦٨ ، البيان ٦ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧ ، المغني ٧ : ٢٩١ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٢٠ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢١٣.
(٤) بدائع الصنائع ٦ : ٢١٣ ، البيان ٦ : ٤٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، المغني ٧ : ٢٩١ ، الشرح الكبير ٧ : ٣٢٠.