وكذا الموصى له بخدمة العبد وسكنى الدار يجوز لهما أن يعيراهما.
مسألة ٨٠ : وليس للمُستعير أن يعير ـ وبه قال أحمد بن حنبل والشافعيّة في أصحّ الوجهين (١) ـ لأنّ الأصل عصمة مال الغير وصيانته عن التصرّف ، فلا يباح للمُستعير الثاني إلاّ بدليلٍ ولم يثبت ، ولأنّه غير مالكٍ للمنفعة ، ولهذا لا يجوز له أن يؤجّر ، وإنّما أُبيح له الانتفاع ، والمستبيح لا يملك نقل الإباحة إلى غيره ، كالضيف الذي أُبيح له الطعام ليس له أن يُبيحه لغيره.
وقال أبو حنيفة : يجوز للمُستعير أن يعير ـ وهو الوجه الآخَر للشافعيّة ـ لأنّه تجوز إجارة المستأجر للعين ، فكذا يجوز للمُستعير أن يعير ؛ لأنّه تمليك على حسب ما مَلَك (٢).
والفرق : إنّ المستأجر مَلَك بعقد الإجارة الانتفاعَ على كلّ وجهٍ ، فلهذا مَلَك أن يملكها ، وأمّا في العارية فإنّه مَلَك المنفعة على وجه ما أُذن له ، فلا يستوفيه بغيره ، فافترقا.
__________________
(١) الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٢١٤ ، المغني ٥ : ٣٦١ ـ ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٦٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢٧ ، التنبيه : ١١٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٧١ ، بحر المذهب ٩ : ١٢ ، الوجيز ١ : ٢٠٣ ، الوسيط ٣ : ٣٦٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٩٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨١ ، البيان ٦ : ٤٦١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٢١.
(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٢١٥ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٢١ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٨٠ ، الحاوي الكبير ٧ : ١٢٧ ، التنبيه : ١١٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٧١ ، بحر المذهب ٩ : ١٢ ، الوجيز ١ : ٢٠٣ ، الوسيط ٣ : ٣٦٧ ، حلية العلماء ٥ : ١٩٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨١ ، البيان ٦ : ٤٦١ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٧١ ، المغني ٥ : ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٦٨ ـ ٣٦٩.