علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي (١) ـ لأنّ الحمل الذي يستحقّ به العوض حصل من الدابّة ، فالأُجرة لصاحبها ، وعليه للعامل أُجرة المثل ؛ لأنّ هذا ليس من أقسام الشركة ، والمضاربة بالأعواض غير صحيحةٍ.
فعلى هذا إن كان الأجر المدفوع للدابّة بعينها ، فالأُجرة لمالكها.
وأمّا إن كان قد تقبّل حمل شيءٍ ، فحمله عليها ، أو حمل عليها شيئاً مباحاً فباعه ، فالأُجرة له والثمن له ، وعليه أُجرة المثل للدابّة في الموضعين.
ونُقل عن الأوزاعي صحّة ذلك ، وبه قال أحمد ـ وكرهه الحسن والشعبي (٢) (٣) ـ لأنّها عين تنمي بالعمل عليها ، فصحّ العقد عليها ، كالشجرة في المساقاة والأرض في المزارعة والدراهم والدنانير ، وهذه المعاملة وإن لم تكن شركةً ولا مضاربةً إلاّ أنّها تشبه المساقاة والمزارعة ؛ لأنّه دفع العين إلى مَنْ يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها (٤).
وهو غلط ؛ لأنّ المساقاة والمزارعة خرجا عن الأصل بالنصّ ، فلا يقاس عليهما غيرهما إلاّ بدليلٍ.
مسألة ١٦٢ : ولو استأجر دابّةً ليحمل عليها بنصف ما يرزقه الله تعالى ، لم يصح عند علمائنا وعند أكثر العامّة (٥).
__________________
(١) المغني ٥ : ١١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩١ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٠٣ / ١٢٥ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١١ : ٢١٩ ، فتاوى قاضيخان ـ بهامش الفتاوى الهنديّة ـ ٣ : ٦٢٥.
(٢) في المصادر : « النخعي » بدل « الشعبي ».
(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ١٠٣ / ١٢٥ ، المغني ٥ : ١١٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩١.
(٤) المغني ٥ : ١١٦ و ١١٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩١ و ١٩٢.
(٥) المغني ٥ : ١١٧ ، الشرح الكبير ٥ : ١٩٢.