ولو أخبر المستودعُ اللّصَّ بالوديعة فسرقها ، فإن عيّن له الموضعَ ضمن ؛ لأنّه فرّط في حفظها ، ولو لم يُعيّن المكانَ لم يضمن.
أمّا لو علم الظالم بالوديعة من غير إعلام المستودع فأخذها منه قهراً ، فإنّه لا يضمن ، كما لو سُرقت منه.
وإن أكرهه الظالم حتى دفعها بنفسه ، فكذلك لا ضمان عليه ؛ لانتفاء التفريط منه ، بل يُطالِب المالكُ الظالم بالضمان ، ولا رجوع له إذا غرم.
وهل للمالك مطالبة المستودع بالعين أو البدل؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّه مباشر لتسليم مال الغير إلى غير مالكه ، فإذا رجع المالك عليه رجع هو على الظالم ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، وفي الثاني : ليس له ذلك (١).
وهذان الوجهان كالوجهين في أنّ المُكرَه على إتلاف مال الغير هل يطالَب أم لا؟ (٢).
وعلى كلّ تقديرٍ فقرار الضمان على الظالم.
ومعنى القرار أن لا يرجع الشخص إذا غرم ، ويرجع عليه غيره إذا غرم.
مسألة ٥٢ : إذا خاف المستودع من الظالم إذا منعه من الوديعة وأمكنه مدافعته بالإنكار والاختفاء عنه والامتناع منه ، وجب عليه ذلك على حسب ما يقدر عليه ، فإن ترك الدفع مع القدرة ضمن.
وإن أنكر المستودع الوديعةَ فطلب الظالم إحلافه ، جاز له أن يحلف لمصلحة حفظ الوديعة ، ويورّي إذا كان يُحسنها وجوباً.
ولا كفّارة عليه عندنا ، خلافاً للجمهور ، فإنّهم أوجبوا الكفّارة ؛ لأنّه
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣١٣ ـ ٣١٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٣٠٤.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣١٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٣٠٤.