جعلها لماء المطر أو يستخرج منها ماء ينتفع به ، ولا غير ذلك.
ولو أراد حفرها للمسلمين ونفعهم أو لينتفع بها الطريق بأن يحفرها ليستقي الناس من مائها ويشرب منه المارّة أو لينزل فيها ماء المطر عن الطريق ، فإن تضرّر بها المسلمون أو كان الدرب ضيّقاً أو يحفرها في ممرّ الناس بحيث يخاف سقوط إنسانٍ فيها أو دابّة أو يضيق عليهم ممرّهم ، لم يجز ذلك ؛ لأنّ ضررها أكثر من نفعها.
وإن حفرها في زاويةٍ من طريقٍ واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها ، فالأقرب : الجواز ؛ لأنّه نفع لا ضرر فيه ، لكن مع الضمان.
وإن كان الدرب غير نافذٍ ، لم يجز شيء من ذلك مطلقاً إلاّ بإذن أربابه ؛ لأنّه ملكٌ لقومٍ معيّنين ، فلا يجوز فعله إلاّ بإذنهم ، كما لو فعله في بستان غيره.
ولو صالَح أهل الدرب على ذلك جاز ، سواء حفرها لنفسه أو لينزل فيها ماء المطر عن داره أو ليستقي منها ماءً لنفسه ، أو حفرها للسبيل ونفع الطريق.
وكذا إن فَعَل ذلك في ملك إنسانٍ معيّن.
مسألة ١١٢٢ : قد بيّنّا أنّه يجوز إخراج الميازيب في الطرق النافذة إذا لم يمنع منه أحد يتضرّر به ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي (١) ـ لأنّ عمر بن الخطّاب اجتاز على دار العبّاس وقد نصب ميزاباً إلى الطريق ، فقلعه ، فقال العبّاس : تقلعه وقد نصبه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بيده (٢) ، وما فَعَله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جاز لغيره فعله ؛ عملاً بالتأسّي ما لم يقم دليل على اختصاصه ، ولأنّ الحاجة تدعو إلى ذلك ، ولا يمكنه ردّ مائه إلى داره.
__________________
(١) المغني ٥ : ٣٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٩.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٤٢ ، الهامش (١).