القبول ، صحّ الإبراء ، بخلاف الصلح ؛ لأنّه مستقلٌّ بالإبراء (١) ، فلا حاجة فيه إلى تصديق الغير ، ولهذا لو أبرأه بعد التحليف صحّ ، ولو تصالحا بعد التحليف لم يصح عندهم (٢).
مسألة ١٠٣٤ : لو ادّعى العين في يد الغير فأنكر الغير دعواه ، فصالحه على بعض تلك العين المدّعاة ـ وهو صلح الحطيطة في العين ـ صحّ عندنا ؛ لما بيّنّا من صحّة الصلح على الإنكار.
وللشافعيّة وجهان :
أحدهما : إنّه صحيح ـ وبه قال القفّال ـ لاتّفاق المتصالحين على أنّ النصف مستحقٌّ للمدّعي ، أمّا المدّعي فإنّه يزعم استحقاق الجميع ، وأمّا المدّعى عليه فإنّه يسلّم النصف له بحكم هبته منه وتسليمه إليه ، فإذَنْ الخلاف بينهما في جهة الاستحقاق.
والثاني ـ وبه قال أكثر الشافعيّة ـ : إنّه باطل ، كما كان على غير المدّعي ، قالوا : ومهما اختلف القابض والدافع في الجهة ، فالقول قول الدافع ، كما لو دفع المديون دراهم إلى صاحب الدَّيْن وقال : دفعتُها عن دَيْن الرهن ، وقال القابض : بل دفعتَها عن دَيْن غيره ، قُدّم قول الدافع مع اليمين (٣).
ولو دفع إلى زوجته دراهم ثمّ اختلفا ، فادّعى الزوج أنّه دفعها عن الصداق ، وقالت : بل دفعتَها عن دَيْنٍ أو هبةٍ ، قُدّم قول الدافع ، وإذا كان كذلك فالدافع يقول : إنّما بذلتُ النصف لدفع الأذى حتى لا ترفعني إلى القاضي ولا تقيم علَيَّ بيّنةَ زورٍ.
__________________
(١) في « ج ، ر » والطبعة الحجريّة : « في نفسه » بدل « بالإبراء ».
(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٣٤.