لم يكن له أن يمنع الآخَر من نصيبه من الماء ؛ لأنّ الماء ينبع من ملكهما المشترك بينهما ، وإنّما أثر أحدهما نقل الطين عنه ، وليس له فيه عين ملكٍ ، بخلاف الحائط إذا بناه بغير آلته.
وإن قلنا : يُجبر الممتنع منهما ـ كما هو قول الشافعي في القديم (١) ـ أجبره الحاكم. فإن امتنع وله مالٌ ظاهر ، أنفق منه ، وإن لم يكن له ، أذن لشريكه ، ويُنفق عليه ، ويرجع بقدر نصيب شريكه عليه. فإن أنفق شريكه بغير إذنه ولا إذن الحاكم ، كان متبرّعاً لا يرجع عليه قولاً واحداً ، وليس له منعه من حقّه من الماء على ما تقدّم.
وقد عرفت مذهبنا فيه ، وأنّ الشريك ليس له الإجبار على الإنفاق.
مسألة ١٠٧٩ : قد ظهر بما مرّ : إنّ الجدار المشترك بين اثنين لو انفرد أحدهما بإعادته بالنقض المشترك فإنّه يعود مشتركاً كما كان ، فلو عمراه معاً وأعاداه بالنقض المشترك بينهما ، كان الاشتراك بينهما أولى.
إذا عرفت هذا ، فلو شرطا مع التعاون على الإعادة والشركة في بنائه زيادةً لأحدهما ، قالت الشافعيّة : لا يجوز ؛ لأنّه شرط عوضٍ من غير معوّضٍ ، فإنّهما متساويان في العمل وفي الجدار والعرصة والأنقاض (٢).
والأقوى عندي : الجواز ؛ عملاً بالشرط ، وقد قال عليهالسلام : « المؤمنون عند شروطهم » (٣) وبه قال بعض الشافعيّة (٤).
وكذا لو باع أحد الشريكين في دارٍ أو متاعٍ نصفَه من المشترك بثلث
__________________
(١) راجع الهامش (١) من ص ٧١.
(٢) البيان ٦ : ٢٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٢.
(٣) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٢.