« لا تُضمن العارية إلاّ أن يكون اشترط فيها ضماناً ، إلاّ الدنانير فإنّها مضمونة وإن لم يشترط فيها ضمان » (١).
وفي الحسن عن زرارة عن الصادق عليهالسلام ، قال : قلت له : العارية مضمونة؟ قال : فقال : « جميع ما استعرته فتَوى (٢) فلا يلزمك تَواه إلاّ الذهب والفضّة فإنّهما يلزمان ، إلاّ أن يشترط أنّه متى تَوى لم يلزمك تَواه ، وكذلك جميع ما استعرت واشترط عليك لزمك ، والذهب والفضّة لازمان لك وإن لم يشترط عليك » (٣).
ولأنّ المنفعة فيهما ضعيفة لا يعتد بها في نظر الشرع ، والنفع المقصود بالذات فيهما الإنفاق ، فكانت مضمونةً ؛ عملاً بالغاية الذاتيّة.
احتجّ القائل بعدم ضمانها : بأنّ العارية ـ سواء صحّت أو فسدت ـ تعتمد منفعة معتبرة ، فإذا لم توجد فما جرى بينهما ليس بعاريةٍ ، لا أنّه عارية فاسدة ، ومَنْ قبض مال الغير بإذنه لا لمنفعةٍ كان أمانةً (٤).
احتجّ الآخَرون : بأنّ العارية الصحيحة مضمونة ، فكذا الفاسدة ؛ لأنّ كلّ عقدٍ يُضمن صحيحه يُضمن فاسده ، وعارية الدراهم والدنانير فاسدة (٥).
مسألة ٨٨ : ولا بدّ وأن تكون المنفعة مباحةً ؛ لتحريم الإعانة على المحرَّم ، فلو استعار آنية الذهب والفضّة للأكل والشرب ، لم يجز.
ولو استعار كلباً للصيد لهواً وبطراً لم يجز ، وإن كان للقوت أو التجارة جاز.
وكذا تجوز إعارة كلب الماشية والحائط والزرع ؛ لإباحة هذه المنافع
__________________
(١) التهذيب ٧ : ١٨٣ / ٨٠٤.
(٢) راجع الهامش (١) من ص ٣٩.
(٣) الكافي ٥ : ٢٣٨ ( باب ضمان العارية والوديعة ) ح ٣ ، التهذيب ٧ : ١٨٣ / ٨٠٦.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٢.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧١ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٢.