حتى لو صالحه عن وضع الجذوع المشرعة على جداره يصحّ ، ولهذا تجوز إجارة الملك للبناء إجماعاً ، ولا تجوز إجارة الهواء ، وكلّ حقٍّ يتعلّق بعينٍ ـ كمجرى الماء والممرّ ـ فهو كحقّ البناء.
وبالجملة ، الحقوق المتعلّقة بالأعيان لمّا كانت عندهم مقصورةً على التأبيد ، أُلحقت بالأعيان حتى استغنى العقد الوارد عليها عن التأقيت (١).
وهو عندنا باطل.
مسألة ١٠٨٩ : لو خرجت أغصان شجرة الجار إلى هواء داره المختصّة به أو المشتركة بينهما ، أو على هواء جدارٍ له أو بينهما ، أو على بناءٍ أو على نفس الجدار ، كان له المطالبة بإزالة الأغصان عن هواء الدار.
فإن لم يفعل مالك الشجرة من الإزالة لم يُجبر ؛ لأنّه من غير فعله ، فلم يُجبر على إزالته ، كما إذا لم يكن ملكاً له ، وإن تلف بها شيء لم يضمنه ؛ لذلك.
ويحتمل إلزامه ، كما إذا مالَ حائطه.
وعلى التقديرين إذا امتنع فله تحويلها عن ملكه ، فإن لم يمكن عطفها عنه كان له قطعها.
ولا يحتاج فيه إلى إذن القاضي ؛ لأنّه عدوان عليه ، فكان له إزالته عنه وإن لم يأذن القاضي ، وهو أقوى وجهي الشافعيّة (٢).
فإن صالحه مالك الشجرة على الإبقاء على الجدار بعوضٍ ، صحّ مع تقدير الزيادة أو انتهائها وتعيين المدّة.
وكذا له أن يصالحه على الإبقاء في الهواء ، عندنا.
خلافاً للشافعيّة ؛ فإنّهم قالوا : إن صالحه على الإبقاء من غير أن يستند
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٧.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٦.